عنوان الفتوى : حكم اتفاق الملاك على دفع مبلغ شهري ثابت للماء والغاز وغيره مع تفاوتهم في الاستعمال
ما حكم العيش في مجمعات سكنية، ومالِكوا الشقق أو المنازل يدفعون مبلغاً ثابتًا شهريًا بمسمى الخدمات، مقابل الماء، وغاز الطبخ المركزي، والأمن، ورمي النفايات، علمًا بأنّ الناس يتفاوتون في كَمِّيَّةِ استخدام الماء والغاز، أليس هذا من بيع الغرر؟ وهل امتلاك منزل أو شقة والعيش فيها جائز؟
الحمد لله.
إذا اتفق الملاك على أن يدفع كل منهم مبلغا ثابتا شهريا لتسديد الخدمات (الماء والغاز والأمن)، يجمعونه فيما بينهم، ويدفعون ثمن الخدمات، مع اغتفارهم التفاوت الذي بينهم في الاستهلاك، وما زاد من مال يبقى لهم، أو تقضى به بعض مصالحهم، فهذا لا حرج فيه، ويكون الواحد منهم متبرعا بما زاد على استهلاكه، وهبة المجهول جائزة على الراجح، وهو مذهب المالكية.
قال ابن رشد رحمه الله: " ولا خلاف في المذهب في جواز هبة المجهول والمعدوم المتوقع الوجود، وبالجملة كل ما لا يصح بيعه في الشرع من جهة الغرر" انتهى من "بداية المجتهد" (4/ 114).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وجاز هبة المجهول على القول الراجح؛ لأنها تبرع" انتهى من "الشرح الممتع" (9/193).
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (31/160).
وأقرب شيء لهذا: ما يسمى بالنهد، أو التناهد.
وقد روى البخاري (2486)، ومسلم (2500) عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ).
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: "وفي هذا الحديث فضيلة الأشعريين، وفضيلة الإيثار والمواساة، وفضيلة خلط الأزواد في السفر، وفضيلة جمعها في شيء عند قلتها في الحضر، ثم يقسم، وليس المراد بهذا القسمة المعروفة في كتب الفقه بشروطها، ومنعها في الربويات، واشتراط المواساة وغيرها، وإنما المراد هنا إباحة بعضهم بعضا، ومواساتهم بالموجود" انتهى.
قال ابن قدامة في "المغني" (9/216): "ولا بأس بالنهد، قد تناهد الصالحون، وكان الحسن إذا سافر ألقى معهم، ويزيد أيضا بعد ما يُلقي.
ومعنى النهد، أن يخرج كل واحد من الرفقة شيئا من النفقة، يدفعونه إلى رجل ينفق عليهم منه، ويأكلون جميعا، وكان الحسن البصري يدفع إلى وكيلهم مثل واحد منهم، ثم يعود فيأتي سرا بمثل ذلك، يدفعه إليه" انتهى.
وقال في "شرح المنتهى" (3/39): " (وتباح المناهدة)، ويقال: النهد؛ (وهي أن يُخرج كل واحد من رفقة شيئا من النفقة)، وإن لم يتساووا، (ويدفعونه إلى من ينفق عليهم منه، ويأكلون جميعا. فلو أكل بعضهم أكثر) من رفيقه، (أو تصدق) بعضهم (منه: فلا بأس)؛ لم يزل الناس يفعلونه ، نص على جوازه الإمام أحمد" انتهى.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |