عنوان الفتوى : هل يرث زوجته النصرانية إذا كان البيت والسيارات باسمهما معا؟
أنا متزوج من نصرانية أمريكية، والبيت والسيارات وأملاك أخرى مسجلة في الدوائر الحكومية باسمي وسمها مناصفة، فهل أرث نصف الأملاك بعد وفاتها؟
الحمد لله.
أولا:
لا يرث للمسلم الكافر، ولا الكافر المسلم ، في قول جمهور العلماء، لما روى البخاري (6764)، ومسلم (1614) عن أسامة بن زيد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ).
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله :"وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يرث المسلم الكافر) مِن نَقل الأئمة الحفاظ الثقات، فكل من خالف ذلك محجوج به.
والذي عليه سائر الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار، مثل مالك والليث والثوري والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي، وسائر من تكلم في الفقه من أهل الحديث: أن المسلم لا يرث الكافر، كما أن الكافر لا يرث المسلم؛ اتباعا لهذا الحديث وأخذا به ، وبالله التوفيق" انتهى من "التمهيد" (9 /164).
وذهب بعض أهل العلم إلى أن المسلم يرث الكافر دون العكس، وهو قول معاذ بن جبل ، ومعاوية بن أبي سفيان ، ومحمد بن الحنفية ، ومحمد بن علي بن الحسين ، وسعيد بن المسيب ، ومسروق بن الأجدع ، وعبدالله بن مغفل ، ويحيى بن يعمر ، وإسحاق بن راهويه ، كما حكاه عنهم ابن القيم رحمه الله ، وقال : " وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية . قالوا : نرثهم ولا يرثوننا، كما ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا " أحكام أهل الذمة (2/ 853 وما بعدها).
وهؤلاء حملوا قول النبي صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيحين : ( لا يرث المسلم الكافر ) على الكافر الحربي ، لا المنافق ، ولا المرتد ، ولا الذمي . وهو قول له وجاهته ؛ لا سيما عند عدم وجود بيت المال ، أو عند فساد القائمين عليه، وأولى من ذلك: إذا كان مآل هذا المال إلى سلطان دولة حربية؛ فيكون المسلم القريب أولى بهذا المال.
وينظر في ذلك جواب السؤال رقم: (306192).
فعلى قول الجمهور لو ماتت زوجتك فإنك لا ترثها.
وعلى القول الآخر فإنك ترثها، ولا ترثك لو مت قبلها.
ثانيا:
إن أوصت لك زوجتك بثلث ما تملك، جاز ذلك، أو أوصت بأكثر من الثلث، وسمح ورثتها بالزائد فلا حرج عليك في أخذه.
وكذلك لك أن توصي لها بالثلث فأقل من مالك.
قال ابن قدامة رحمه الله : " وتصح وصية المسلم للذمي , والذمي للمسلم , والذمي للذمي . روي إجازة وصية المسلم للذمي عن شريح , والشعبي , والثوري , والشافعي , وإسحاق , وأصحاب الرأي . ولا نعلم عن غيرهم خلافهم . وقال محمد بن الحنفية , وعطاء , وقتادة , في قوله تعالى : إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا : هو وصية المسلم لليهودي والنصراني .
وقال سعيد : حدثنا سفيان , عن أيوب , عن عكرمة , أن صفية بنت حيي باعت حجرتها من معاوية بمائة ألف , وكان لها أخ يهودي , فعرضت عليه أن يسلم فيرث , فأبى , فأوصت له بثلث المائة . ولأنه تصح له الهبة , فصحت الوصية له , كالمسلم .
وإذا صحت وصية المسلم للذمي , فوصية الذمي للمسلم ، والذمي للذمي أولى .
ولا تصح إلا بما تصح به وصية المسلم للمسلم . ولو أوصى لوارثه , أو لأجنبي , بأكثر من ثلثه , وقف على إجازة الورثة , كالمسلم سواء " انتهى من "المغني" (6/121).
وأوسع من الوصية، أن تهب لك في حياتها ما تريد أن تهبه لك؛ فذلك جائز، بشرط أن تقبضه في حياتها.
وينظر جواب السؤال رقم: (241715).
والله أعلم.