عنوان الفتوى : اتفق الجد على سداد دين أبيهم المتوفى وأن يردوا له عند الميسرة فهل يلزمهم ذلك؟
توفي شخص، وله زوجة، وأبناء وبنات، وعليه دين 3000، فقام والده بسداد الدين عن المتوفى على أن يدفع الورثة له هذا المبلغ عندما يتوفر، فما الحكم في هذه المسألة؟
الحمد لله.
أولاً:
قضاء دين الميت مقدم على تقسيم الإرث
من مات وعليه دين، فإن ترك مالا، وجب أن يقضى منه دينه، وذلك مقدم على تقسيم الإرث؛ لقوله تعالى في قسمة المواريث: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ النساء/11.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (2/201) " الدين مقدم على الوصية، وبعده الوصية ثم الميراث، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء " انتهى.
فإن لم يترك ما يسدد منه دينه من نقود أو أرض أو بيت وغيره، فلا يلزم الورثة سداد دينه، إلا أن يتبرعوا بذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"دين الميت لا يجب على الورثة قضاؤه ، لكن يُقضى من تركته " انتهى من "منهاج السنة" (5/232).
وينظر: جواب السؤال رقم: (43085).
ثانيا:
سداد الجد دين ابنه المتوفى على أن يقسطه على ورثته
إذا اتفق الجد أو غيره مع بقية الورثة على أن يسدد الدين، ويردوا له ما دفع عند الميسرة، فلا حرج في ذلك، ويلزمهم الوفاء بهذا الوعد؛ لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ رواه البخاري (32)، ومسلم (89).
والوفاء بالوعد واجب مطلقا عند بعض أهل العلم، كعمر بن عبد العزيز، وابن شبرمة ، والحسن البصري، وابن الأشوع، وسمرة بن جندب، وهو قول بعض الحنفية، وبعض المالكية، ووجه في مذهب أحمد اختاره تقي الدين ابن تيمية.
وهو واجب عند المالكية في مثل هذا، أي إذا دخل الموعود في كلفة بسبب الوعد.
والمرجّح عندنا الوجوب ديانة، لا قضاء، مطلقا، كما في جواب السؤال رقم:(264311).
وفي "الموسوعة الفقهية" (2/326): "ذهب الحنفية إلى أن الوعد لا يلزم قضاء إلا إذا كان معلقا.
أما المالكية ففي رواية عندهم أن الوعد بالعقد ملزم للواعد قضاء إذا دخل الموعود تحت التزام مالي بناء على ذلك الوعد، كما إذا قال له: اهدم دارك وأنا أسلفك ما تبني به.
فإذا ما أخلف وعده - ضمن الشروط التي اشترطها الحنفية أو المالكية - أجبر على التنفيذ.
وأما الحنابلة فقد صرح الرحيباني منهم بأنه لا يلزم الوفاء بالوعد حكما (وفسره بقوله: أي في الظاهر). وهو الصحيح عندهم.
ومقتضى حكم الشافعية بكراهة الإخلاف: عدم إجبار المخلف على التنفيذ" انتهى.
ولو أعطاهم المال ليقضوا دين أبيهم، كان مقرضا لهم، ولزمهم سداد القرض باتفاق العلماء .
والله أعلم.