عنوان الفتوى : توبة من تركت الصلاة والصوم ولم تقض لسنوات عديدة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سؤال بخصوص الأكل في رمضان: منذ سنين كثيرة (22 سنة) كنت في بلاد الغربة للدراسة، واهتز إيماني بالله ولم يكن قوياً آنذاك وشجعتني الظروف هناك على أرتكاب الخطيئة، فكان من أمري أن تركت الصلاة ولم أصم رمضان (شهراً كاملاً) وأخطر من ذلك أذنبت كثيراً في حق نفسي، وبعدما تبت إلى الله تعالى توبة نصوحاً وتزوجت وندمت على ما فات، فكيف أكفر عن ذنوبي، وكيف أتدارك ما ضاع مني. فهذه الأشياء تؤلمني كلما تذكرتها وأملي الوحيد أن يغفر لي ربي، لقوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا....)؟ وجزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا ريب أن ترك الصلاة والصوم بلا عذر شرعي جرم عظيم وخطر جسيم، ومن فعل ذلك فقد توعد بالعذاب الشديد، كما قال عز وجل: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً* إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً [مريم:60]. ولكن هذا الوعيد الشديد في حق من أصر على الترك، أما من تاب وأناب فإن الله يتوب عليه ويغفر له، بل يبدل سيئاته حسنات، كما قال الله عز وجل في آخر الآية الآنفة، وقال أيضاً في سورة الفرقان: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70]. وفي الحديث: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه بإسناد حسن، فلا يأس ولا قنوط من رحمة الله، وعليك أيتها الأخت الكريمة أن تقضي ما فاتك من الصلاة والصوم، فتقضي عدد الأيام التي أفطرتها مع كفارة عن كل يوم منها بسبب تأخير الصوم حتى دخول رمضان آخر، والكفارة هي إطعام مسكين مقابل كل يوم أفطرته من رمضان. وأما الصلاة المتروكة عمداً فيجب قضاؤها عند جمهور العلماء بمن فيهم الأئمة الأربعة، وعلى هذا القول فإذا جهلت عدد الصلوات المتروكة، فإنك تعملين بغالب ظنك، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجب قضاء هذه الصلاة، لأنها تركت بغير عذر شرعي وستصلي في غير وقتها، وأن على صاحبها الاستعاضة عن ذلك بكثرة النوافل والأعمال الصالحة وهذا يكفيه، ومذهب الجمهور هو الأرجح والأولى. والله أعلم.