عنوان الفتوى : أحكام لبس الرجل ما فيه حديد ونحاس وجلد
ما حكم لبس الساعة العادية المصنوعة من النحاس والجلد للرجل؟ وهل لأن الغويشة للرجل حرام؛ لأنها تشبه بالنساء، والحديد حلية أهل النار، فإذا الساعة الذي فيها قطعة من الحديد حرام؟ وهل لأن الحظاظة المصنوعة من الجلد حرام؛ لأنها تشبه بالنساء، فإذا الساعة التي ذراعها من جلد حرام؟ وأليس لبس ساعة المصنوعة من النحاس والجلد يجتمع فيها حكم: (التشبه بالنساء؛ لوجود الربط على المعصم-والتشبه بحلية أهل النار لوجود الحديد أو النحاس- وفعل أصحاب السبت لتبديل الحديد بالنحاس)؟ علما بأنه لا أحد يرتديها ليعلم الساعة، إنما بقصد التزين فقط؛ لأن كل الناس يمتلكون هواتف، وتوجد ساعات حائط في كل مكان في العالم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فاعلم ـ أولاـ أن الأصل في الأشياء الإباحة، فلا يحرم منها إلا ما دل الدليل على تحريمه، ولا يكره إلا ما دل الدليل على كراهته، وذلك لقوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً {البقرة:29}.
وعلى هذا؛ فإنه يباح للرجل لبس ما شاء من المعادن والجلود، إلا ما منع منه الشرع، وذلك كالذهب للرجال، فإن لبسه حرام عليهم، بدلالة النصوص الكثيرة، ومنها حديث أبي موسى: أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي، وحرم على ذكورها.
وأما الحديد فلا حرج على الرجل في لبس الساعة من الحديد، أو فيها شيء من الحديد؛ لأن الأصل الإباحة. ولم يرد ما يدل على التحريم، وفي الحديث: التمس ولو خاتماً من حديد. والحديث في الصحيحين، وقد سبق أن بينا هذا في الفتوى: 259495. وكذا لا حرج في الساعة المصنوعة من النحاس، والحديث الوارد في النهي عن التختم بالنحاس فيه ضعف.
وقد جاء في فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى: هل يجوز للرجال والنساء لبس النظارة والخاتم والسوار والسلسلة والساعة، أو غيرها من الذهب أو الفضة أو النحاس، أو من الحديد أو غيره، أم لا؟
فأجاب بقوله: النظارة تارة تكون مفضضة، وتارة تكون مذهبة، وتارة تكون مجردة من ذلك، وتارة تكون مذهبة مفضضة. فالجميع جائز الاستعمال للرجال والنساء، عدا المذهبة كثيراً، فإنها ممنوعة للرجال فقط، محرمة ....
وأما الخاتم ذهباً كان أو فضة أو حديدا، أو نحاساً أو رصاصاً فلا يحرم مطلقاً عدا خاتم الذهب، فتحريمه على الرجال ظاهر، وقد حكي الاجماع على ذلك. ...
أما "خاتم الحديد، والصفر، والنحاس" فقد صرح بعض العلماء بكراهيته، وقد سأل الأثرم أحمد عن خاتم الحديد ما ترى فيه؟ فذكر حديث عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هذه حلية أهل النار". وابن مسعود قال: لبسة أهل النار. وابن عمر قال: ما طهرت كف فيها خاتم حديد. وقال بعض العلماء بإباحة خاتم الحديد، بدليل ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "التمس ولو خاتماً من حديد" وهذا أصح من الأحاديث المتقدمة الدالة على الكراهة، وأما "الساعة" فحكمها حكم النظارة .. اهــ.
وانظر الفتوى: 20167.
وأما لبس ما فيه جلد، فهو مباح أيضا، بناء على الأصل حتى لو كان جلد ميتة وتمت دباغته؛ فإنه يباح، والمفتى به عندنا طهارة الجلود كلها بالدباغ، وانظر الفتوى: 48329.
والله تعالى أعلم.