عنوان الفتوى : زوجها يأمرها أن تلبس الغشوة فوق النقاب لتغطية عينيها فهل يلزمها طاعته؟
حكم لبس ما يسمي بالبيشة التي تغطي العينين؟ وما حكم الزوج الذي يجبر زوجته علي إرتدائها؟ وهل أثاب إذا لبستها؟ ولما كانت أمهات المومنين والصحابيات الأفضل منا لم يلبسنها، فلماذا لا نقتدي بهم فحسب؟
الحمد لله.
المرأة مأمورة بستر وجهها عن الرجال الأجانب؛ لأدلة كثيرة منها قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/59.
قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره (20/324): " يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين: لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن، فكشفن شعورهن ووجوههن. ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهنّ؛ لئلا يعرض لهن فاسق، إذا علم أنهن حرائر، بأذى من قول.
ثم اختلف أهل التأويل في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به فقال بعضهم: هو أن يغطين وجوههن ورءوسهن فلا يبدين منهن إلا عينا واحدة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أَبو صالح قال ثني معاوية عن علي عن ابن عباس، قوله (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ): أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة.
حدثني يعقوب قال ثنا ابن علية عن ابن عون عن محمد عن عبيدة في قوله (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) فلبسها عندنا ابن عون قال: ولبسها عندنا محمد قال محمد: ولبسها عندي عبيدة، قال ابن عون بردائه فتقنع به، فغطى أنفه وعينه اليسرى وأخرج عينه اليمنى، وأدنى رداءه من فوق، حتى جعله قريبا من حاجبه أو على الحاجب.
حدثني يعقوب قال ثنا هشيم قال أخبرنا هشام عن ابن سيرين قال: سألت عبيدة عن قوله (قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) قال: فقال بثوبه، فغطى رأسه ووجهه، وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه" انتهى.
هذا الإدناء، وأما النقاب فكان معروفا في الصدر الأول أيضا، وفيه إظهار العينين، وقد روى البخاري (1838) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنْ الثِّيَابِ فِي الْإِحْرَامِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا الْبَرَانِسَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ، فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الْوَرْسُ. وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ).
فيجوز للمرأة أن تبدي عينيها، أو عينا واحدة.
وبعض النسوة قد يبدين العين وما حولها حتى يظهر ما تحت العين وما فوقها وربما ظهر حاجبها، ، وهذا من التوسع في المباح، حتى يخرج إلى حد التبرج المنكر، حتى استشكل بعض الناس لبس النقاب، إذا كان النساء على تلك الحال.
وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله:
" بالنسبة للنقاب يا شيخ الذي يظهر العيون إذا كانوا بالغوا فيها هل يمنع؟
فأجاب:
"النقاب لا بأس به أقره النبي ﷺ.
س: إذا وسعوا فيها؟
ج: قدر العين، أو العينين، بس.
س: بعضهم يوسع؛ إذًا يمنع؟
ج: يمنع، قدر العين أو العينين بس، من دون إيجاد شيء يفتن الناس.
س: هل يعتبر ما يسمى "برقع" حيث يظهر عينيها وبعض جبهتها؟
ج: البرقع هو النقاب." انتهى، من موقع الشيخ.
وعليه فيجوز أن تلبسي النقاب إذا كنت لا تظهرين من العينين إلا قدر ما يتيح لك النظر.
ثانيا:
إذا كان زوجك يرى منع النقاب، أو يغار أن يرى أحد عينيك، أو يراك لا تلبسينه بطريقة صحيحة، وأمرك بلبس الغشوة فوقه، لزمك طاعته؛ لما له من القوامة وحق منعك من الخروج بدونه ذلك، إلا أن يكون في لبسها ضرر فلا يلزمك.
وإذا لبستِ الغشوة امتثالا لطلب زوجك وإرضاء له، كان لك ثواب زائد إن شاء على ثواب الامتثال بتغطية الوجه.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد والرشاد.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |