عنوان الفتوى : هل يجب الإخبار برؤية الهلال للجهات المسؤولة أو للمحكمة؟
عند فقهاء المالكية أن العدل ومرجو العدالة يجب عليهما رفع رؤية الهلال إلى الحاكم، وهذا متفق عليه بينهم، واختلفوا في الفاسق هل يجب عليه رفع رؤيته أم لا. السؤال: ماهي مذاهب العلماء الأربعة وغيرهم في حكم رفع رؤية الهلال إلى الحاكم؟ هل يجب أم يستحب؟ وإن كان غير المالكية لم يتطرقوا لهذه المسألة فأرجوا تبيين ذلك.
الحمد لله.
صرح المالكية بأنه يجب على العدل إذا رأى الهلال أن يرفع رؤيته للحاكم، وكذا مجهول الحال الذي يُرجى قبول شهادته.
قال الدردير في "الشرح الكبير" (1/511) : "(وَعَلَى عَدْلٍ) رَأَى الْهِلَالَ (أَوْ مَرْجُوٍّ) لَأَنْ يُقْبَلَ، بِأَنْ كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ: (رَفْعُ رُؤْيَتِهِ) لِلْحَاكِمِ، أَيْ : يَجِبُ عَلَى كُلٍّ أَنْ يُخْبِرَ الْحَاكِمَ بِأَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ، وَلَوْ عَلِمَ الْمَرْجُوُّ جَرْحَةَ نَفْسِهِ. (وَالْمُخْتَارُ) -عِنْدَ اللَّخْمِيِّ- : (وَغَيْرِهَما) ، وَهُوَ الْفَاسِقُ الْمُنْكَشِفُ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّفْعُ، [وهو] قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، لَكِنَّ اللَّخْمِيَّ لَمْ يَخْتَرْهُ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ قَوْلَ أَشْهَبَ بِالنَّدْبِ" انتهى.
ولم نقف على تصريح بذلك عند غيرهم، لكن من أوجب ترائي الهلال كالحنفية وبعض الشافعية، قد يؤخذ من قولهم وجوب الإخبار به.
قال في "مجمع الأنهار" (1/238): " (ويجب على الناس) وجوبَ كفاية (التماسُ الهلال في التاسع والعشرين من شعبان ومن رمضان)، وكذا ذو القعدة ; لأن الشهر قد يكون تسعا وعشرين، ويجب على الحاكم أن يأمر الناس بذلك " انتهى.
وقال البجيرمي في "حاشيته على شرح المنهج" (2/67) : " وسئل شيخ الإسلام الشيخ محمد الشوبري بما صورته: تعهد رؤية هلال رمضان أول ليلة هل تسن، أو تجب وإذا قلتم بالسنية، أو الوجوب فهل يكون على الكفاية أو الأعيان؟ وهل مثله تعهد هلال شوال لأجل الفطر أم لا؟ وهل يكون هلال شعبان لأجل الاحتياط لرمضان مثل هلال رمضان أم لا؟
فأجاب: ترائي هلال شهر رمضان من فروض الكفاية ، وكذا بقية الأهلة، لما يترتب عليها من الأحكام الكثيرة . والله أعلم" انتهى.
وأفتى الشيخ ابن باز رحمه الله بوجوب رفع الرؤية للمحكمة الشرعية.
سئل رحمه الله: " ماذا على الإنسان لو رأى هلال ذي الحجة، ولم يبلغ الجهة المختصة بذلك؟ وهل يختلف الحكم فيما لو كان هلال رمضان؟
فأجاب: الواجب على من رأى الهلال ليلة الثلاثين من شعبان أو ليلة الثلاثين من رمضان، أو ليلة الثلاثين من شوال، أو ليلة الثلاثين من ذي القعدة: أن يبلغ المحكمة التي في بلده، إلا أن يعلم أن الهلال ثبت برؤية غيره، عملا بقول الله سبحانه وتعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: على المرء المسلم السمع والطاعة . الحديث.
وقوله صلى الله عليه وسلم: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد . الحديث، ومعلوم أن ولي الأمر يطلب من خلال مجلس القضاء الأعلى من المسلمين أن على من رأى الهلال أن يبلغ المحاكم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته -يعني: الهلال- وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها، فإن غم عليكم فأكملوا العدة . ولا سبيل إلى العمل بهذه الأحاديث إلا بتوفيق الله، ثم بالتعاون بين المسلمين بترائي الهلال، وإبلاغ الجهات المسئولة ممن رآه، وبذلك يحصل الامتثال للأوامر الشرعية، والتعاون على البر والتقوى، والله ولي التوفيق" انتهى من "فتاوى ابن باز" (15/70).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(68828)، ورقم:(26824).
والله أعلم.