عنوان الفتوى : هل الأفضل للرجل أن يبدأ بزوجته في الحج أو أولاده ثم أخواته؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يفترض على الرجل أن يأخذ زوجته وأولاده إلى الحج أولاً أم أخواته المتزوجات؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

لا يجب على الرجل أن يحجج امرأته أو أولاده أو أخواته، ولا يدخل ذلك في النفقة التي تجب بسبب الزوجية أو القرابة.

وإنما يفعل ذلك الرجل من باب البر والمعروف، فإن الصدقة على القريب صدقة وصلة.

وقد سألنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "هل يجب على الأب نفقة حج الفريضة لولده الفقير؟ وهل يجب على الولد نفقة حج الفريضة لأبيه الفقير؟

فأجاب بما يلي: لا يجب، لأنّ العبادات مشروطة بالاستطاعة، والاستطاعة لا تتأتّى من الغير، فلا يجب على أي من الطرفين شيء في هذا للآخر، لكن إن طلب الوالد من الولد القادر نفقة الحجّ، كانت إجابته من باب البر المأمور به؛ فيكون واجبا بهذا الاعتبار. والله أعلم.

وينظر: جواب السؤال رقم:(3463). 

وقد جاء في فضل النفقة على الأهل والعيال:

ما روى مُسْلِمٍ (994) عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرْفُوعًا: (أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ , وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: بَدَأَ بِالْعِيَالِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ يُعِفُّهُمُ اللَّهُ، أَوْ يَنْفَعُهُمْ اللَّهُ بِهِ، وَيُغْنِيهِمْ).

وروى مسلم (995) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ).

وروى النسائي (2535) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تَصَدَّقُوا) فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ، قَالَ: (تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ) قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: (تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ) قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: (تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ) قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: (تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ) قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: (أَنْتَ أَبْصَرُ) وصححه الألباني.

ورواه أبو داود (1691) بتقديم الولد على الزوجة.

قال الخطابي: "هذا الترتيب إذا تأملته علمت أنه صلى الله عليه وسلم قدم الأولى فالأولى، والأقرب فالأقرب؛ وهو أنه أمره أن يبدأ بنفسه ثم بولده، لأن ولده كبعضه؛ فإذا ضيعه هلك ولم يجد من ينوب عنه في الإنفاق عليه، ثم ثلث بالزوجة، وأخرها عن الولد: لأنه إذا لم يجد ما ينفق عليها، فُرِّق بينهما، وكان لها من يمونها من زوج أو ذي رحم تجب نفقتها عليه، ثم ذكر الخادم لأنه يباع عليه إذا عجز عن نفقته، فتكون النفقة على من يبتاعه ويملكه، ثم قال فيما بعد : (أنت أبصر) أي : إن شئت تصدقت، وإن شئت أمسكت.

وقياس هذا في قول من رأى أن صدقة الفطر تلزم الزوج عن الزوجة ولمن يفضل من قوته أكثر من صاع، أن يخرجه عن ولده دون الزوجة لأن الولد مقدم الحق على الزوجة، ونفقة الأولاد إنما تجب لحق البعضية النسبية، ونفقة الزوجة إنما تجب لحق المتعة العوضية، وقد يجوز أن ينقطع ما بين الزوجين بالطلاق، والنسب لا ينقطع أبدا، ومعنى الصدقة في هذا الحديث النفقة" انتهى من "معالم السنن"(2/82).

وهذا يرجح أن يبدأ الرجل في الحج بأولاده، ثم بزوجته، ثم بأخواته، إذا لم يمكنه أن يحججهم جميعا.

والله أعلم.