عنوان الفتوى : العبادة في الهرج كهجرة إلي
السلام عليكم أفيدوني أفادكم الله أنا شاب أحب أن أعفي لحيتي، وكذلك أحب الصلاة مع الجماعة، وأن أرفع إزاري، ولكن إن فعلت ذلك فسوف أجد عشرات من يتبعني في كل لحظة وفي كل حين، وربما أجد نفسي في السجن فهل لي أن أترك إعفاء اللحية والإزار وصلاة الجماعة؟ أم أتمسك بها ولا يهمني شيء، ما هو الصحيح؟ أفيدوني.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الناس عند البلاء ينقسمون إلى قسمين: ناجح موفق، ومخفق فاشل، فالابتلاء سنة كونية ليظهر الصادق من غيره، كما قال تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:2-3]. فعليك أخي المسلم بالمواظبة على أومر الله تعالى، وما ذكرت من الطاعات التي يشق عليك فعلها بسبب إنكار الغير واستغرابهم لا يكوننّ عقبة في وجه فعلك لطاعة الله تعالى، فإن الأجر في هذه الحالة أعظم لقوله صلى الله عليه وسلم: العبادة في الهرج كهجرة إلي رواه مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم: يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر رواه الترمذي وغيره. والشيطان دائماً يكون ساعياً إلى التشويش عليك، بتوقّع العقوبات المختلفة، وكل هذا إنما هو من كيده لبني آدم، قال تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:175]. فعليك إذا بالتمسك بهذه الأوامر الشرعية، فإن من اتقى الله تعالى جعل الله له من كل ضيق فرجاً، ومن كل هم مخرجاً، ولا يهمك ما تعانيه من نظر الناس، فإن أكثرهم على خطأ وضلال، قال تعالى: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [الأنعام:116] وهذا ما لم تتحقق من إنزال عقوبة بك من سجن ونحوه وإلا فإن الضرورات تبيح المحظورات، وراجع الفتوى رقم: 3198، ورقم: 15587. والله أعلم.