عنوان الفتوى : الحكمة من خمار وتستر المرأة في الصلاة
لماذا فرض الله الحجاب على النساء أثناء الصلاة، قال تعالى: وهو معكم أينما كنتم؟ ولماذا ينبغي عليهن الحجاب مع أنهن إن لبسنه أو لم يلبسنه فإن الله يراهن؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فستر العورة من شروط صحة الصلاة، وإنما فرض الله على عباده أن يستروا عوراتهم في الصلاة رجالا كانوا أو نساء ليقفوا بين يديه سبحانه على أكمل الهيئات وأحسن الحالات، وقد أمر الله بأخذ الزينة للصلاة فقال: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ {الأعراف:31}.
فالله سبحانه أحق من تزين له وأحق من يستحيا منه، وإذا كان الشخص -ذكرا أو أنثى- لو وقف بين يدي كبير من البشر أخذ زينته وحسن هيئته، فالله سبحانه أولى بذلك كله، قال الخطيب الشربيني رحمه الله: وَثَالِثُهَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ عَنْ الْعُيُونِ، وَلَوْ كَانَ خَالِيًا فِي ظُلْمَةٍ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ {الأعراف: 31} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُرَادُ بِهِ الثِّيَابُ فِي الصَّلَاةِ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ ـ رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَالْمُرَادُ بِالْحَائِضِ: الْبَالِغُ الَّتِي بَلَغَتْ سِنَّ الْحَيْضِ، لِأَنَّ الْحَائِضَ فِي زَمَنِ حَيْضِهَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهَا بِخِمَارٍ، وَلَا غَيْرِهِ، فَإِنْ قِيلَ: مَا الْحِكْمَةُ فِي السُّتْرَةِ فِي الصَّلَاةِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ مُرِيدَ التَّمَثُّلِ بَيْنَ يَدَيْ كَبِيرٍ يَتَجَمَّلُ بِالسَّتْرِ وَالتَّطْهِيرِ، وَالْمُصَلِّي يُرِيدُ التَّمَثُّلَ بَيْنَ يَدَيْ مَلِكِ الْمُلُوكِ، فَالتَّجَمُّلُ لَهُ بِذَلِكَ أَوْلَى. انتهى.
على أن المسلم وإن لم تظهر له الحكمة من أحكام الشرع وأوامره فإنه يمتثلها طاعة لله تعالى، وإذعانا لحكمه، وعلما منه بأنه سبحانه حكيم لا يشرع شيئا إلا لحكمة ومصلحة.
والله أعلم.