عنوان الفتوى : هل يختلف حكم السيجار عن السجائر العادية؟
هل السيجار تعتبر من الخمر، لأن طريقة تحضير التبغ الخاص به يتضمن عملية تخمير لأوراق التبغ؟ وهل هو محرم لكونه خمرا أم لأسباب تحريم السجائر الاعتيادية الأخرى، لما فيه من ضرر؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتخمير إنما هو عملية كيميائية يتم فيها تحلل المواد العضوية، وليس ذلك قاصرا على تصنيع التبغ ـ سواء السيجار أو السجائر ـ بل هذا يحدث في صناعة وتحضير كثير من المواد الغذائية! وبخصوص السيجار: فقد جاء في الموسوعة الحرة عن مرحلة التخمير في صناعة السيجار: توضع الأوراق في درجة حرارة ورطوبة متحكم بها لتجف ببطء من دون تلف أو تفتفت، وهذه هي المرحلة التي تحدد رائحة ونكهة وطريقة احتراق أوراق التبغ. اهـ.
وهذا كما أسلفنا لا يختص بالسيجار، فمرحلة التخمير تجري أيضا في تصنيع السجائر العادية، جاء في موسوعة المعرفة عن صناعة التبغ بصفة عامة: تعلق الأوراق بعد نهاية التجفيف في غرف مهواة نظيفة بهدف التخزين والتخمير، إذ يحدث فيها تغيرات فيزيائية وكيميائية تتحول فيها السكريات المعقدة إلى بسيطة، وتظهر أحماض دهنية وإسترات كحولية تعطي للتبغ ميزاته العطرية وتنخفض نسبة النيكوتين.. اهـ.
وجاء في موقع الكيميائي العربي في مقال كيمياء التبغ: التخمير هي عملية يتم من خلالها تحلل وتحول في بنية المركبات، تحدث هذه العملية بفعل أنزيمات أو ميكروبات موجودة داخل النباتات، وهذه العملية تكسب نبات التبغ اللون والرائحة المميزة وتعتمد هذه العملية على درجة الحرارة والرطوبة والضغط المطبق على هذه النباتات، وتحدث خلال هذه العملية العديد من التفاعلات التي تؤدي إلى تكوين مركبات غير محددة، لذلك وبشكل عام يمكن القول من وجهة النظر الكيميائية أنه لا يمكن للكيميائي التحكم بنوع وكيفية التفاعلات الحاصلة بصورة دقيقة وكاملة، لكن بشكل عام وخلال عملية التخمير يتشكل غاز ثنائي أوكسيد الكربون وتتحرر كمية من الحرارة بالإضافة إلى انخفاض قيمة الـ pH. كما أن كمية النيكوتين الموجودة تنخفض بنسبة ـ30-50ـ% خلال عملية التجفيف والتخمير. اهـ.
والمقصود أن التخمير لا يقتصر على تصنيع السيجار، بل يشمل أيضا التبغ المستخدم في السجائر العادية.
وأما علاقة صناعة التبغ بالخمر أو الكحول: فقد ذكر بعض أهل العلم أنه ينقع حقيقة في الخمر أو الكحول أثناء التصنيع، قال الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي: عالم كبير من علماء مصر ذهب إلى أمريكا، وزار بنفسه بعض معامل التبغ، وألف كتاباً اشتريته أنا من معرض الكتاب، وقرأته، فإذا فيه هذه الحقيقة الخطيرة: إن هذا الدخان ينقع في الخمر أشهراً ثلاثة، أو ينقع في الكحول، لأن هذه الدخينة إذا أشعلتها تبقى مشتعلة، ما الذي يجعلها مشتعلة ولو لم تستخدمها؟ ذلك لأن أوراق التبغ نقعت أشهراً ثلاثة، إما في الكحول، وإما في الخمر، فإذا كان في الخمر فسعرها أغلى، لأن فيها نكهة الخمر، هذه حقيقة ثابتة حتى في شركات التدخين في الشرق الأوسط، تنقع أوراق التبغ في الخمر، أو في الكحول من أجل أن تعطيها نكهةً، ومن أجل أن تبقى مشتعلة حتى نهاية المطاف. اهـ.
وسواء ثبت هذا الكلام أو لم يثبت، فإنه يكفي في الحكم بحرمة التدخين ما ثبت فيه من أضرار صحة شديدة على المدخن ومن حوله، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 51605.
والله أعلم.