عنوان الفتوى : هل يجزئ الاستجمار إذا جاوز الخارج محل المخرج؟
هل من شروط إجزاء الاستجمار ألا يجاوز موضع الخارج ؟ بمعنى أنه لو حصل ذلك لا يجزئ عندها الاستجمار ويجب الماء، وما الدليل ؟ وهل حصل اتفاق على هذا؟
الحمد لله.
الذي عليه جماهير أهل العلم، أن الاستجمار رخصة في موضع المخرج، ويلحق به ما جاوز محل المخرج قليلا، واختلفوا في تقدير هذه القلة، وأما الكثير فلا بد من غسله، ولا يكفي الاستجمار.
ودليلهم أن الاستجمار رخصة في مخرج البول والغائط لعموم البلوى بذلك، أما ما سوى المخرج، فيبقى على الأصل في وجوب غسله.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (4 / 121):
" اتفقت المذاهب الأربعة على أن الخارج إن جاوز المخرج، وانتشر كثيرا: لا يجزئ فيه الاستجمار، بل لا بد من غسله.
ووجه ذلك أن الاستجمار رخصة لعموم البلوى، فتُختص بما تعم به البلوى، ويبقى الزائد على الأصل في إزالة النجاسة بالغسل" انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
" وما عدا المخرج فلا يجزئ فيه إلا الماء.
وبها قال الشافعي، وإسحاق، وابن المنذر، يعني إذا تجاوز المحل بما لم تجر به العادة، مثل أن ينتشر إلى الصفحتين، وامتد في الحشفة: لم يجزه إلا الماء؛ لأن الاستجمار في المحل المعتاد رخصة، لأجل المشقة في غسله لتكرر النجاسة فيه؛ فما لا تتكرر النجاسة فيه، لا يجزئ فيه إلا الغسل كساقه وفخذه " انتهى من"المغني" (1 / 217).
والمسألة ليست محل إجماع، بل خالف بعض أهل العلم، فرأوا أن الاستجمار يجزئ؛ ولو جاوز المخرج، مطلقا؛ لأن نصوص الاستجمار مطلقة ولم تقيده بحد معيّن؛ ولأن ما قد يبقى من أثر بعد المسح هو أثر يسير يعفى عنه عادة، كما في تطهير أسفل النعل بحكه على الأرض، وكذا ذيل ثياب المرأة إذا أصابته نجاسة يتطهر بالأرض.
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم : (286312)، ورقم : (145695).
وعلى ذلك؛ فالعبرة بزوال عين النجاسة على أي وجه كان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" ويجزئ الاستجمار، ولو تعدى الخارج إلى الصفحتين والحشفة وغير ذلك؛ لعموم الأدلة بجواز الاستجمار، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك تقدير " انتهى من"الاختيارات العلمية" (ص 17).
وهذا القول له قوة، وحظ من النظر؛ لكن الأحوط الخروج من هذا الخلاف باستعمال الماء إذا جاوز الخارج المحل الذي يصل إليه عادة ، حتى يكون المسلم قد طهر بدنه بإجماع العلماء .
قال النووي رحمه الله تعالى:
" فإن العلماء متفقون على الحث على الخروج من الخلاف، إذا لم يلزم منه إخلال بسنة، أو وقوع في خلاف آخر " انتهى من"شرح صحيح مسلم" (2 / 23).
والله أعلم.