عنوان الفتوى : مفسدات الصيام في المذهب الحنفي
ما نواقض الصيام على المذهب الحنفي؟ وهل دخول الماء في الفرج ينقض على الصحيح من المذهب؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن مفسدات الصيام في المذهب الحنفي محصورة في عدة مسائل, وسنذكرها لك مختصرة من كنز الدقائق للنسفي، حيث ذكر ما لا يفسد الصوم، وما يفسده, وما يوجب القضاء, والكفارة معًا, وما يوجب القضاء، فقال: باب ما يفسد الصّوم، وما لا يفسده:
فإن أكل الصّائم، أو شرب، أو جامع ناسيًا، أو احتلم، أو أنزل بنظرٍ، أو ادّهن، أو احتجم، أو اكتحل، أو قبّل، أو دخل حلقه غبارٌ، أو ذبابٌ، وهو ذاكرٌ لصومه، أو أكل ما بين أسنانه، أو قاء وعاد، لم يفطر.
وإن أعاده، أو استقاء، أو ابتلع حصاةً، أو حديدًا، قضى فقط.
ومن جامع، أو جومع، أو أكل، أو شرب عمدًا غذاءً، أو دواءً، قضى وكفّر، ككفّارة الظّهار، ولا كفّارة بالإنزال فيما دون الفرج، وبإفساد صومٍ غير رمضان.
وإن احتقن، أو استعط، أو أقطر في أذنه، أو داوى جائفةً، أو آمّةً بدواءٍ ووصل إلى جوفه، أو دماغه أفطر. انتهى.
ولمن أراد التوسع في هذه المسائل, فيمكنه الرجوع إلى البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم, وكذلك تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق أيضًا، أو بعض المطولات من كتب الحنفية.
وبخصوص دخول الماء إلى فرج الصائم، فللحنفية فيه تفصيل، حيث يقولون ببطلان الصوم بدخول الماء بواسطة الدُّبر, وكذلك قٌبل المرأة؛ لأن كلًّا منهما يعتبر منفذًا إلى الجوف، جاء في بدائع الصنائع للكاساني: وأما الإقطار في قُبل المرأة، فقد قال مشايخنا: إنه يفسد صومها بالإجماع؛ لأن لمثانتها منفذًا فيصل إلى الجوف، كالإقطار في الأذن. انتهى.
وقال أيضًا: وما وصل إلى الجوف، أو إلى الدماغ عن المخارق الأصلية، كالأنف، والأذن، والدبر، بأن استعط، أو احتقن، أو أقطر في أذنه، فوصل إلى الجوف، أو إلى الدماغ، فسد صومه. انتهى.
وكذلك دخول الماء في الذَّكَر, فإنه مبطل للصيام أيضًا على الصحيح من مذهب الحنفية، جاء في تحفة الفقهاء لمؤلفه: محمد أبي بكر علاء الدين السمرقندي الحنفي: وأما في الإقطار من الإحليل، فلا يفسد الصوم عند أبي حنيفة، وعندهما (أبو يوسف، ومحمد بن الحسن) يفسد، وهذا ليس بخلاف من حيث الحقيقة؛ لأنه لو وصل إلى الجوف، يفسد بالإجماع، ولو لم يصل، لا يفسد بالإجماع، إلا أنهما أخذا بالظاهر، فإن البول يخرج منه، فيكون له منفذ، وأبو حنيفة يقول: ليس له منفذ، وإنما البول يترشح منه، كما يترشح الماء من الكوز الجديد، والبول يدفع ما أقطر في الإحليل من الترشح إلى الجوف. وروى الحسن عن أبي حنيفة مثل قولهما، وهو الصحيح. انتهى.
والله أعلم.