عنوان الفتوى : هل يشترط في الجفاف من الحيض أن يستمر يوما أو نصف يوم حتى يحكم بأنه طهر؟
جاء في إجابتكم على سؤال رقم:(275018)، عبارة: "وإذا حصل جفاف لمدة ساعة أو ساعتين بعد الكدرة، فهذا يعني عدم اتصالها بالدم"، وهذه العبارة عليها غموض عندي، آمل توضيحه، وهو أن ابن قدامة و أيضا نقل عن ابن عثيمين أنهما يقولان: إن الحيض له إقبال وإدبار، فلا يمكن أن يعتبر الجفاف من الحيض في ساعة أو ساعتين طهرا، بل على الأقل يوم أو يوم ونصف. والنقل عن ابن قدامة: "ويتوجه أن انقطاع الدم متى نقص عن اليوم فليس بطهر بناء على الرواية التي حكيناها في النفاس، أنها لا تلتفت إلى ما دون اليوم وهو الصحيح إن شاء الله؛ لأن الدم يجري مرة، وينقطع أخرى، وفي إيجاب الغسل على من تطهر ساعة حرج ينتفي بقوله: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، ولأننا لو جعلنا انقطاع الدم ساعة طهرا، ولا تلتفت إلى ما بعده من الدم أفضى إلى أن يستقر لها حيض، فعلى هذا لا يكون انقطاع الدم أقل من يوم طهرا إلا أن ترى ما يدل عليه مثل أن يكون انقطاعه في آخر عادتها أو ترى القصة البيضاء" انتهى. أما النقل عن ابن عثيمين فأتذكره، لكن لم أجده لأنسخه، ولكن فيه نفس الكلام تقريبا. فسؤالي هو: لماذا فرقنا بين الجفاف من الحيض بأنه لابد من الانتظار يوما ونصف إن كان في زمن الدورة، وبين تحديد مدة الاتصال بين الكدرة والدم بأنها لو فاقت ساعتين فيعتبر عدم اتصال، فالكدرة أيضا لها إقبال وإدبار وقد تتأخر يوما مثلا؟
الحمد لله.
تعرف المرأة الطهر من الحيض بإحدى علامتين: الجفاف، أو القصة البيضاء.
والجفاف أن تضع قطنة فتخرج نظيفة ليس عليها أثر من دم أو صفرة أو كدرة.
واختلف في هذا الجفاف هل تطهر بمجرد رؤيته ولو ساعة، أم يلزم أن تنتظر يوما أو نصف يوم؟ على قولين لأهل العلم.
فالقول الأول: أن تنتظر ذلك لأن انقطاع الدم ساعة ونحوها أمر معتاد للحائض فلا يكون علامة على الطهر، وإلى هذا ذهب ابن قدامة وجماعة.
قال ابن قدامة في "المغني" (1/257): " المرأة متى رأت الطهر فهي طاهر؛ تغتسل، وتلزمها الصلاة والصيام، سواء رأته في العادة، أو بعد انقضائها، ولم يفرق أصحابنا بين قليل الطهر وكثيره؛ لقول ابن عباس: أما ما رأت الطهر ساعة فلتغتسل.
ويتوجه: أن انقطاع الدم متى نقص عن اليوم، فليس بطُهر، بناء على الرواية التي حكيناها في النفاس، أنها لا تلتفت إلى ما دون اليوم، وهو الصحيح إن شاء الله؛ لأن الدم يجري مرة، وينقطع أخرى، وفي إيجاب الغسل على من تطهُر ساعة بعد ساعة: حرج ينتفي بقوله: وما جعل عليكم في الدين من حرج [الحج: 78] . ولأننا لو جعلنا انقطاع الدم ساعة طهرا، ولا تلتفت إلى ما بعده من الدم، أفضى إلى أن لا يستقر لها حيض. فعلى هذا: لا يكون انقطاع الدم أقل من يوم طهرا، إلا أن ترى ما يدل عليه، مثل أن يكون انقطاعه في آخر عادتها، أو ترى القصة البيضاء" انتهى.
وينظر: "الشرح الممتع" (1/501).
والقول الثاني: أن الطهر يحصل بالجفاف ولو كان لساعة، سواء كان ذلك في آخر مدة العادة أو أثنائها. وهذا المذهب عند الحنابلة. وهو القول الذي قدمه ابن قدامة، في كلامه السابق.
قال في "مطالب أولي النهى" (1/259): "(ومن انقطع دمها في أثناء عادتها ، ولو) كان انقطاعه (أقل مدة) ، فلا يعتبر بلوغه يوما : (فـ) هي (طاهر تغتسل) ، لقول ابن عباس: أما ما رأت الطهر ساعة : فلتغتسل ، (وتصلي ، ونحوه) ، وتفعل ما تفعله الطاهرات؛ لأن الله - تعالى - وصف الحيض بكونه أذى، فإذا ذهب الأذى وجب زوال الحيض" انتهى.
وابن قدامة رحمه الله يوافق المذهب فيما لو كان الجفاف في آخر الدورة، فإنه يحصل به الطهر، ولا تنتظر يوما ولا نصف يوم.
وعليه؛ فمن رأت الجفاف في آخر دورتها: فإنها تطهر بذلك، فإن نزل بعده كدرة –ولو بعد ساعة-فإنها تكون بعد الطهر، فلا تكون شيئا.
فمسلك الاحتياط هو فيما لو حصل الجفاف أثناء الدورة، كمن ترى يومين دما، ثم ترى جفافا، ثم يعاودها الدم.
والقول الثاني – الذي هو المذهب عند الحنابلة، وقدمه ابن قدامة في كلامه - : أظهر، وذلك أن نقاء المحل من الدم والصفر والكدرة لا يكون إلا علامة على الطهر، وأما كون الدم يجري وينقطع، فهذا صحيح؛ لكن عند انقطاعه لا يكون المحل نقيا نقاء تاما ما دام الحيض قائما، بل يكون المحل ملوثا، بحيث لو أدخلت في فرجها قطنة يخرج عليها أثر الدم من حمرة أو صفرة أو كدرة.
والشافعية يسمون هذا: فترة الحيض، ويفرقون بينه وبين النقاء التام الذي يحكم بأنه طهر.
قال الشيخ أبو عمر الدبيان في "موسوعة الطهارة" (6/262): " وإذا قلنا بانقطاع الدم، لا نعني مجرد وقوف جريان الدم فقط، بل المقصود أنها لو احتشت بقطنة في فرجها رجعت القطنة بيضاء، لا أثر فيها من صفرة أو كدرة، أما إذا عادت القطنة وفيها أثر صفرة أو كدرة أو نحوهما فلا يعتبر الحيض منقطعاً" انتهى.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |