عنوان الفتوى : ما حكم عمل الجمعية الخيرية برنامجا لمساعدة المتحولين جنسيا؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

تريد منظمتنا الخيرية القيام بمشروع مجتمع المتحوّلين جنسياً في باكستان، الذي يعيش حاليًا في ظروف رهيبة حقًا، عندما أقول مجتمع المتحولين جنسيا أعني أنه يوجد في باكستان مجتمع يعرف باسم "خواجة سيرا" باللغة الأردية، و"المتحوّلين" باللغة الإنجليزية، يوجد في هذا المجتمع مزيج من الناس بعضهم من فئة "الخُنثى"، ومعظمهم من "المُخنّثين"، المجتمع يجرّدهم من حقوقهم الإنسانية الأساسية، ويكافحون من أجل كسب المال من أجل الطعام، ولا يستطيعون الوصول إلى الموارد التي نمتلكها، وهم يسخرون منهم ويشعرون بالخجل، وليس لديهم أيّ سبيل للحصول على التعليم لكسب وظائف مشرّفة، نحن نتفهّم ونقرّ بأن تغيير جنسك هو خطيئة كبيرة، كما أننا لا ندعم أيّ شخص يفعل ذلك، لكن هل يعني هذا أيضًا أنّ هؤلاء الناس لا يحصلون على الحقوق الإنسانية الأساسية التي يتمتع بها كل إنسان مسلم أو غير مسلم ؟ إذا أردنا مساعدتهم في تحسين مستوى معيشتهم؛ حتى يتمكنوا من أن يصبحوا مستقلّين، ويكسبون بشرف بأنفسهم داخل الحدود، ونوضّح أنّنا لا ندعم الخطايا التي ارتكبوها، فهل يجوز ذلك في الإسلام؟ وهل يجوز لنا أن نتبرّع بالمال لهم؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فما هي الطريقة الأفضل لتحسين الوضع؟ من الصعب جداً معرفة من هو الخُنثى ومن هو المُخنّث.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولا:

جواز التبرع للمحتاجين من العصاة والفسقة والكفار

يجوز الإحسان والتبرع للمحتاجين ولو كانوا فسقة أو عصاة أو كفرة، مع التبري من كفرهم وفسوقهم. وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال: إعطاء الصدقة لغير المسلم

وتغيير الجنس مع كمال الأعضاء الذكورية أو الأنثوية: كبيرة من الكبائر، وفاعل ذلك فاسق، فإن استحله كان كافرا.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، (عام 1409 هـ) في دورته الحادية عشرة ما نصه:

"أولا: الذكر الذي كملت أعضاء ذكورته، والأنثى التي كملت أعضاء أنوثتها، لا يحل تحويل أحدهما إلى النوع الآخر، ومحاولة التحويل جريمة يستحق فاعلها العقوبة؛ لأنه تغيير لخلق الله، وقد حرم الله سبحانه هذا التغيير بقوله تعالى مخبرا عن قول الشيطان وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ فقد جاء في صحيح مسلم عن ابن مسعود أنه قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل) ثم قال: (ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عز وجل يعني قوله: (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) .

ثانيا: أما من اجتمع في أعضائه علامات النساء والرجال فينظر فيه إلى الغالب من حاله؛ فإن غلبت عليه الذكورة، جاز علاجه طبيا بما يزيل الاشتباه في ذكورته، ومن غلبت عليه علامات الأنوثة، جاز علاجه طبيا بما يزيل الاشتباه في أنوثته، سواء أكان العلاج بالجراحة أو بالهرمونات؛ لأن هذا مرض والعلاج يقصد به الشفاء منه، وليس تغييرا لخلق الله عز وجل " انتهى من "مجلة البحوث الإسلامية" (49/ 371).

ثانيا:

حكم مساعدة الجمعيات الخيرية للمتحولين جنسيا

من عرف فقيرا متحولا جنسيا، فلا حرج أن يساعده، وأن يوفر له عملا، فإن الصدقة تجوز على العاصي، بل على الكافر كما قدمنا.

لكن أن تعلن جمعية خيرية عن برنامج لمساعدة المتحولين، فهذا نشر للفساد، وتبنٍّ للمنحرفين، وتهيئة للمجتمع لقبولهم، والأصل ألا يقبلوا، وأن يظلوا منبوذين ليرتدع غيرهم عن اللحاق بهم.

فما يُظن من تجاوز المجتمع في حق هذه الفئة، ليس صحيحا، بل هذا الإنكار المجتمعي مطلوب، فكل من عُرف بأنه مخنث أو شاذ، أو غيّر جنسه، فالأصل نبذه، والتضييق عليه، ومنعه من الوظائف العامة والخاصة، وإلا فمن يقبل أن يعمل في شركته أو دكانه شاذ أو مخنث؟!

وإذا كان للجمعية من جهد في هذا المجال، فليكن في التحذير منه، وبيان خطره على صاحبه، في الدين والدنيا، وإنكار هذا المنكر العظيم؛ ثم إن أمكن أن تسعى في إزالة هذا المنكر، وتصحح هذا الخطأ: فعلت. وليكن هذا هدفها المعلن، التوعية من خطر ذلك، وإنكار منكره.

لكن من حيث الإعانة الفردية الخاصة، فيما يحتاج إليه: فلا حرج أن يعان، وأن يبحث له عن مصدر للرزق بعيدا عن مخالطة الناس، كأن يعمل أعمالا في منزله، أما الدعوة إلى دمجه في المجتمع، فهذا يعني الدعوة إلى تكثير هذا الشذوذ والانحراف، وتهيئة المجتمع لقبوله، وكسر الحاجز النفسي تجاه هذه الجرائم، مع أهمية بقاء هذا الحاجز، لا سيما في غياب إقامة الحدود والتعزيرات الشرعية.

والحاصل:

أنه لا يجوز للجمعية الخيرية أن تعمل برنامجا للمتحولين جنسيا، كما تعمل برنامجا للمعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة.

لكن ذلك لا يمنع من إعانة من علمت حاجته من هؤلاء، بصورة فردية، خاصة؛ وذلك لما قدمنا من المفسدة المترتبة على الإعلان وتخصيص برنامج لهم، والقاعدة أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

والله أعلم.