عنوان الفتوى : حكم حفر بئر في الطريق ووضع ماسورة لسحب الماء وضخه للبيت ثم ردم البئر

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لو قام شخص بحفر بئر في الطريق أمام بيته بالضبط، بحيث أن عملية عمل البئر تتم بهذه الصورة: يتم الحفر حتى الوصول للماء على عمق معين، ثم يضعون ماسورة رأسية، ثم يلصقون بها ماسورة أفقية تمتد لداخل بيت الشخص، وهكذا تصل المياه لداخل البيت باستخدام المضخة، ثم يتم ردم الحفر، ويعود الطريق كما كان لا يتأثر. السؤال: ليس عن إشغال الطريق، لكن السؤال عن حكم هذه المياه بالنسبة للشخص؛ حيث إنه قام بالحفر في الطريق، وليس في مساحة يملكها؟ وإذا قلتم: لا يستحق الماء، فكيف ذلك؟ ولو أنه حفر داخل بيته فسيحصل على نفس الماء؛ لأن الماء كله متصل ببعضه تحت الأرض، والفرق بين داخل البيت وخارجه بسيط متر أو مترين، وبالتالي ليس معقولا أن يكون الحفر خارج بيته هو غير حكم نفس الماء، وإنما أقصى ما يمكن أن يقال: أن فعله خطأ، لكن يملك الماء، ولا يعد مغصوبا، والله تعالى أعلم، فما قولكم؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

أولا:

للإنسان أن يحفر بئرا فيما يملكه من أرض أو بيت؛ لأن من ملك الأرض ملك قرراها إلى الأرض السابعة كما يقول الفقهاء.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا باع داراً فما الذي يدخل في الدار؟ يقول:

شمل أرضها إلى الأرض السابعة، ويشمل أيضاً هواءها إلى السماء الدنيا، أما ما وراء السماء الدنيا فلا يملك؛ لأن السماء الدنيا سقف فليست ملكاً" انتهى من "الشرح الممتع" (9/ 6).

وأما حفرها في الطريق فليس له ذلك إلا بإذن الدولة؛ لما في الحفر من إفساد الطريق، ثم ما قد يترتب على ذلك من انكسار الماسورة فيما بعد.

قال ابن قدامة رحمه الله: " ومن حفر بئرًا في طريق، لنفسه، ضمن ما هلك بها؛ لأنه ليس له أن يختص بشيء من طريق المسلمين" انتهى من "الكافي" (4/ 6).

فليس الإشكال في أخذ الماء من جوف الأرض بل في إفساد الطريق بالحفر، والقول بأن الطريق يعود كما كان، ليس واقعيا، كما هو مشاهد معلوم.

ثانيا:

لو فرض أنه لا ضرر من ذلك، كأن يكون الطريق غير مسفلت، أو سيصلح ما أفسده، ويسوي الأرض كما كانت، ويعمق الماسورة بحيث لا تنكسر، ولم يعترض أحد من أهل البلد على ذلك، فالظاهر أنه لا مانع حينئذ، كما صرح به بعض الفقهاء.

قال في "المحيط البرهاني" (5/ 398): " فإن أراد الرجل إحداث مظلة في طريق العامة، ولا ضرر بالعامة؛ فالصحيح من مذهب أبي حنيفة: أن لكل واحد من آحاد المسلمين حق المنع وحق الطرح [أي إزالة المظلة].

وقال محمد: له حق المنع من الإحداث، وليس له حق الطرح.

فإن كان يضر ذلك بالمسلمين، فلكل واحد من آحاد المسلمين حق الطرح والرفع...

وهل يباح إحداث الظُّلة على طريق العامة؟

ذكر أبو جعفر الطحاوي أنه يباح، ولا يأثم قبل أن يخاصمه أحد، وبعدما خاصمه لا يباح الإحداث، ولا يباح الانتفاع، ويأثم بترك الظلة. وقال أبو يوسف ومحمد: يباح له الانتفاع إذا كان لا يضر ذلك بالعامة" انتهى.

وقال القاضي ابن الشحنة في كتابه "تحصيل الطريق" ص108: "ففي الجامع الصغير للإمام فخر الإسلام البزدوي في كتاب الجنايات: محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة رحمهم الله تعالى في الرجل يخرج أو يبني في الطريق الأعظم كنيفا أو جرصنا أو ميزابا أو يبنى دكانا [أي دكة]. قال: فللرجل من عُرض الناس أن ينزع ذلك كله؛ لأن طريق المسلمين حق عامتهم، وإذا شغله بما ليس بحق له، كان لواحد من أهل الطريق رفعه.

ويدخل في الرجل من عُرض الناس: الكافر؛ لأن الكفار في استحقاق الطريق مثل المسلمين.

قال: ولصاحب هذه الأشياء أن ينتفع بها إذا لم تضر بالمسلمين، فإن كان يضر بهم كره ذلك كله[تحريما]؛ لأن الانتفاع بالطريق ثابت له أيضا، إلا أن هذا انتفاع بما لم توضع له الطريق، فإن كان لا ضرر فيه، أُلحق بجنس حقه باعتبار عاقبته، وإن كان فيه ضرر بقي على أصله، فكره.

ألا ترى أن الطريق عُدّ حقا لكل واحد من آحاد أهله على سبيل الإباحة دون الملك، والسبيل في استيفاء المباح أن لا يتضمن ضررا بأحد، فإذا تضمنه حرم.

قال: وكذلك البالوعة يحفرها الرجل في الطريق الأعظم؛ منع من ذلك لما قلنا، ولأن هذا لا يخلو عن الضرر لا محالة" انتهى.

فالمدار على أمرين:

1-إحداث شيء في الطريق لم توضع له الطريق. فمن جوّز هذا الإحداث عند عدم الضرر وعدم اعتراض أحد، راعى أن الشخص له حق في الطريق.

2-أن يترتب على ذلك ضرر، فيحرم الإحداث حينئذ، ويزال.

فإذا خلا الأمر من الضرر، بأن عاد الطريق بعد الحفر كما كان، ولم يعترض عليه أحد، جاز ذلك.

وإنما يعود الطريق كما كان إذا لم يكن "مزفلتا"؛ وإلا، فإنه لا يعود كما كان في المشاهد، بمجرد إصلاح الشخص لما حفره، بل لا بد من إصلاح شركة "الأزفلت" بنفسها للطريق.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...