عنوان الفتوى : كراهة الإخلاف بالوعد
أحسن الله إليكم. أولا: جزاكم الله خيرا على جهودكم، وموقعكم المتكامل؛ فنحن نقصده في كل شيء. جعله الله خالصا لوجهه، وزادكم به رفعة في الدنيا والآخرة. امرأة كبيرة في السن، ضعيفة، ليست في كامل أهليتها لكبرها. توفي ولدها، وأخفت بنتها عنها وفاته خشية أن تحزن عليه، وتتأذى بذلك. زوجة الابن أرادت أن تتنازل الأم عن حقها في ميراث ابنها لأولاده، وأرادت أن تذهب وتخبرها، وتطالبها بالتوقيع على التنازل، ابنتها خشيت عليها، فقالت لزوجة أخيها المتوفى: لا تذهبي، وأقسمت لها أنهم سيتنازلون بعد وفاة الوالدة عن حقهم. بعد وفاة الوالدة، أصرت زوجة الابن على أن يكتب لأولادها ما يسمى بالوصية الواجبة من إرث الأم، فقالت الأخت: طالما ستأخذين هذا المال لن أتنازل لك عن حقي من إرث والدتي، فيما يخص ما ورثته الأم عن ولدها (الذي كانت وعدتها بالتنازل عنه) ثم أخذت الأخت جزءا من نصيبها وأنفقته؛ لأنها كانت في حاجة له، والآن هي خائفة أن يكون عليها إثم؛ لأنها لم تف بوعدها. أيضا هناك مبلغ كبير من مال الأخ المتوفى سيقسم، وهي حائرة: هل يجب عليها التنازل عن نصيبها وفاء لوعدها السابق؟ وإذا كان كذلك. فماذا عن المبلغ الذي أنفقته ولا يمكنها رده الآن؟ الأخت ذكرت أنها أقسمت لزوجة أخيها من أجل أن تمنعها من الذهاب للأم، وإخبارها بوفاة ولدها، فهذا كان أكبر ما يشغلها. أتمنى أن يكون شرحي للمسألة واضحا، وأن يكون الجواب مفصلا. جزاكم الله خيرا كثيرا، وبارك في علمكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الوفاء بالوعد مستحب عند الجمهور، فلو أخلف وعده، فاته الفضل، وارتكب المكروه كراهة تنزيه، ولكن لا يأثم.
قال النووي: الوفاء بالوعد مستحب استحبابا متأكدا، ويكره إخلافه كراهة شديدة، ودلائله في الكتاب والسنة معلومة. انتهى من الموسوعة الفقهية.
وقد سبق تفصيل الكلام عن ذلك، في الفتوى رقم: 17057، والفتوى رقم: 44575.
وانظري بخصوص ما يسمى بالوصية الواجبة، الفتوى رقم: 22734.
وبناء عليه؛ فلا إثم على الأخت فيما حصل، ولا حرج عليها في المال الذي أنفقته من نصيبها من تركة أمها، وعليها أن تكفر عن يمينها تلك.
والله أعلم.