عنوان الفتوى : حكم ترك الدعاء أو عدم تمني الشفاء من المرض
هل يجوز عدم الدعاء أو عدم تمني الشفاء من مرض عضال أو مزمن؛ عسي أن يكون كفارة للذنوب؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ما يُصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم، ولا حزن ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه؟.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمبتلى بمرض عضال ترك الدعاء بالشفاء، لأن الدعاء بالشفاء ليس واجبا عليه، ولأن بعض أهل العلم يقول: إن التفويض, وترك الدعاء أفضل, وإن كان هذا خلاف ما رجحه بعض المحققين, جاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر أثناء بحث هذا الموضوع: وقول الله تعالى: ادعوني أستجب لكم ـ الآية، وهذه الآية ظاهرة في ترجيح الدعاء على التفويض وقالت طائفة: الأفضل ترك الدعاء والاستسلام للقضاء، وأجابوا عن الآية بأن آخرها دل على أن المراد بالدعاء العبادة لقوله: إن الذين يستكبرون عن عبادتي. انتهى باختصار.
وقال في موضع آخر: وقال الشيخ تقي الدين السبكي: الأولى حمل الدعاء في الآية على ظاهره، وأما قوله بعد ذلك: عن عبادتي ـ فوجه الربط أن الدعاء أخص من العبادة، فمن استكبر عن العبادة استكبر عن الدعاء، وعلى هذا فالوعيد إنما هو في حق من ترك الدعاء استكبارا، ومن فعل ذلك كفرا, وأما من تركه لمقصد من المقاصد، فلا يتوجه إليه الوعيد المذكور، وإن كنا نرى أن ملازمة الدعاء والاستكثار منه أرجح من الترك، لكثرة الأدلة الواردة في الحث عليه. انتهى.
وفي فيض القدير للمناوي: متى أطلق لسانك بالطلب فاعلم أنه يريد أن يعطيك، وعند الفتح تتوجه رحمة الله للعبد، وإذا توجهت لا يتعاظمها شيء، لأنها وسعت كل شيء، وتخلف الإجابة كثيرا لتخلف بعض شروط الدعاء وأركانه، وفيه حث أكيد على الدعاء، ورد على من رأى أن ترك الدعاء أفضل، لكنه من المقامات عندهم، فلأجل ذلك لا ينكر فضله، وإن فضلنا فعله، فقد ابتلى بعض عظماء الأولياء بالجذام، وكان يحفظ الاسم الأعظم فقيل له ألا تدعو؟ فقال ما كنت لأطلب الإقالة من أمر اختاره لي. انتهى.
والله أعلم.