عنوان الفتوى : توضيح حول الاختلاف اليسير في رسم المصاحف العثمانية
هل مصاحف القراءات العشر إذا محونا منها النقاط والهمزة والتشكيل تصبح كلها طبق الأصل في الرسم أم سيكون هناك فرق بينها؟ وهل الرسم الحالي للمصحف هو نفسه الرسم الذي ينسب للمصحف الذي كتبه عثمان بن عفان؟ وهل مخطوطات صنعاء للقرآن تنسب لعثمان أم أنها مجهولة المصدر؟ وما سبب اختلاف الكلمات و ترتيب الكلمات بين مصحفنا الحالي وبين قراءة عبد الله بن مسعود مثل: إني أراني أعصر عنبا؟ وعندنا في مصحفنا خمرا بدلا من عنبا، ومثل ما ننسك من آية أو نسخها، و عندنا في مصحفنا ما ننسخ من آية أو ننسها، فهل كان ابن مسعود يبدل الكلمات في قراءته ويضع بدلا منها معنى الكلمة أم أن كلا النصين وحي من الله وما سبب الاختلاف بين النصين؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمصاحف المكتوبة وفق القراءات العشر تختلف تبعا لاختلاف القراءات نفسها؛ ولكن هذا الاختلاف في أغلبه لا يتعلق بالرسم، فإذا أزيلت النقاط والشكل وباقي المسائل المتعلقة بالضبط فستكون تلك المصاحف متطابقة في غالبها، صالحة لأن تقرأ بهذا الوجه أو ذاك.
ومع هذا فإنه توجد بعض الكلمات القليلة التي اختلفت القراءات فيها رسما فرويت في بعضها ولم ترو في البعض الآخر، ومنها مثلا كلمة "هو" في سورة الحديد في قوله تعالى: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ {الحديد:24}، فقد قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف بإثبات "هو" وقرأها الباقون بدونها، وكذلك قوله تعالى: وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {التوبة:100}، فقد قرأها الأكثر بحذف "من" وقرأها ابن كثير بإثباتها، وليس في ذلك ما هو خارج عن المصاحف العثمانية التي وزعت في الأمصار، وكله من كلام الله عز وجل.
يقول الشيخ عبد الله بن يوسف العنزي في كتاب المقدمات الأساسية في علوم القرآن: المصاحف العثمانيّة قد اختلفت في رسمها في شيء قليل، وكلّه كلام الله تعالى، كقوله عزّ وجلّ: وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ { الحديد: 24} هكذا في مصاحف مكّة والبصرة والكوفة، وبه قرأ جميع السّبعة غير نافع وابن عامر فهذان قرءا على ما في مصاحف المدينة والشّام، وذلك بغير هُوَ، وكقوله: وَلا يَخافُ عُقْباها { الشّمس: 15} وفلا يخاف عقباها، قال الإمام أبو عبيد: هذه الحروف الّتي اختلفت في مصاحف الأمصار كلّها منسوخة من الإمام الّذي كتبه عثمان ـ رضي الله عنه ـ ثمّ بعث إلى كلّ أفق ممّا نسخ بمصحف، ومع هذا، إنّها لم تختلف في كلمة تامّة ولا في شطرها إنّما كان اختلافها في الحرف الواحد من حروف المعجم، كالواو والفاء والألف وما أشبه ذلك، إلّا الحرف الّذي في الحديد وحده، قوله: فَإِنَّ اللَّهَ الغَنِيّ الحَمِيد ـ فإنّ أهل العراق زادوا على ذينك المصرين ـ يعني المدينة والشّام ـ هوـ فليس لأحد إنكار شيء منها ولا جحده، وهي كلّها عندنا كلام الله، وجائز أن يكون الوجه في اختلاف الرّسم لهذه الحروف هو: أنّه حين كتبت أصولها جميعا بإشراف أمير المؤمنين عثمان، من قبل أمناء الوحي زيد بن ثابت وإخوانه، رأوا إمكان تضمين تلك المصاحف بعض الحروف المسموعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ممّا تعذر عليهم رسمه جميعا في مصحف واحد، ففرّقت فيها لتبقى محفوظة على الأمّة، كبعض صور اختلاف الأحرف السّبعة الّتي نزل عليها القرآن. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 191029.
ونرجو إعادة إرسال باقي أسئلتك بشكل مستقل وفق النظام المتبع لدينا.
والله أعلم.