عنوان الفتوى : مذاهب الفقهاء في تقدير الحد الأعلى والأدنى للجهر والإسرار
سؤالي من نقطتين:1ـ أدنى الجهر ـ كما فهمت، والله تعالى أعلم ـ أن يسمع المصلي نفسه ومن يليه: فما المقصود بمن يليه؟ وهل المقصود من على يمينه ويساره؟ أم من في الصف خلفه؟2ـ ما هي أقوال علماء المذاهب في أعلى السر؟ وهل هو أن يسمع المصلي نفسه ومن على يمينه و يساره بحد أقصى بحيث لو تعداه يكون قد جهر بقراءته؟ أم أعلى السر أن يسمع نفسه فقط ولا يتعداه؟ أرجو سرد أي خلاف ـ إن وجد ـ وآراء العلماء بأدلتها. وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في أعلى مراتب السر، جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في تقدير الحد الأعلى والأدنى لكل من الجهر والإسرار، فقال ابن عابدين: أدنى المخافتة إسماع نفسه أو من بقربه من رجل أو رجلين مثلا, وأعلاها مجرد تصحيح الحروف، وأدنى الجهر إسماع غيره ممن ليس بقربه كأهل الصف الأول, وأعلاه لا حد له..... وعند الشافعية: السر إسماع نفسه حيث لا مانع, والجهر أن يسمع من يليه، وعند الحنابلة: أدنى الجهر أن يسمع نفسه، وأدنى الجهر للإمام سماع غيره ولو واحدا ممن وراءه. اهـ مع حذف.
وفي شرح مختصر خليل للخرشي، وهو مالكي: واعلم أن أدنى السر أن يحرك لسانه بالقراءة، فإن لم يحرك لسانه لم يجزه، لأنه لا يعد قراءة بدليل جوازها للجنب، وأعلاه أن يسمع نفسه فقط، وأدنى الجهر أن يسمع نفسه ومن يليه وأعلاه لا حد له. اهـ.
وقد ملنا في الفتوى رقم: 187951، إلى أن أعلى السر إسماع النفس فقط، وأدنى الجهر إسماع نفسه ومن يليه.
ومن ثم، فإذا تجاوز المصلي إسماع نفسه بأن أسمع من يليه، فإنه يعد آتيا بيسير الجهر، ولكن لا يترتب على ذلك سجود للسهو ـ كما أشرنا في الفتوى المحال عليها، وأما قولهم: يسمع نفسه ومن يليه ـ فلا يتقيد بمن على يمين المصلي أو من على يساره أو من خلفه، وإنما المراد أنه لو قدر أن ثمة شخص قريب منه ملاصق له سمعه حيث لا مانع من سماعه إياه، وقد لا يوجد أحد أصلا عن يمينه أو عن يساره، جاء في مواهب الجليل شرح مختصر خليل: ومعنى قوله: ومن يليه ـ أن لو كان هناك من يسمع. اهـ.
وفي حاشية الصاوي على الشرح الصغير: من ترك السر فيما يسر فيه وأتى بدله بالجهر، فقد حصل منه زيادة, لكن لا سجود عليه بعد السلام إلا إذا رفع صوته فوق سماع نفسه, ومن يليه بلصقه بأن كان يسمعه من بعد عنه بنحو صف فأكثر. اهـ.
ومحل الشاهد فيه قوله: بأن كان يسمعه من بعد عنه بنحو صف فأكثر ـ فهذا يدل على أن من بَعد بنحو صف فأكثر لا يدخل في: ومن يليه.
والله أعلم.