عنوان الفتوى : يعمل عند والده ويأخذ راتبا ضعيفا لا يكفي أسرته فهل يأخذ من ماله دون علمه كما يفعل إخوته
ابن يعمل لدى أبيه فى شغل خاص ، هو بعض إخوته ، والأب هو من يتحكم فى المال ، ومستواه المادى جيد جدا ، وسخى جدا على الغرباء ، بخلاف الحال مع أبنائه ، حيث يعطى لهم مرتبا قليلا لا يكفيهم ، وقد تزوج هذا الابن من أسرة ذات مستوى مادي جيد، واتفق والد الزوج مع والد الزوجة أن مرتب الابن للأكل فقط ، وهو متكفل بالمصاريف الزائدة ، هو حالياً يتكفل بالأدوية والفواتير، لكن في حالة الحاجة إلى ملابس العيد للأطفال أو مصاريف لشراء احتياجات المدرسة ، لا يلتزم الأب (صاحب العمل) بل وغالباً ما تحصل مشاكل ويتهم ولده بالتبذير بحجة أن بقية أبنائه الذين يعملون معه لا يطلبون مثله ، وقد تبين مع الوقت أن سبب عدم طلب بقية الأبناء مثل أخيهم بسبب أنهم يأخذون مالا من العمل من دون معرفة والدهم ، ومر وقت طويل على ذلك حتى أن الأب صرح بذلك بنفسه وأن بقية أبنائه يأخذونه بخلاف هذا الابن ، وعلى الرغم ما زال الأب يحدث مشاكل عند طلب المال متحججا ، بقوله أنت الوحيد الذى يطلب المال وإخوتك لا ، حتى فكر الابن مؤخرا أن يأخذ مالا من العمل مثل إخوته ، فهل يجوز أن ياخذ من مال والده ، مثل أخوته دون علم الأب؛ لأن المرتب لا يكفى لمتطلبات البيت ، علماً بأن زوجة هذا الابن قد تقوم بدفع التكاليف من مالها الخاص في حالة خروجهم للنزهة أو ما شابه، بحجة أن زوجها سيعوضها حال توفر المال بها ، فهل يجوز له فعل ذلك لأنه يخشى أن يفعل أمراً لا يجوز ؟
الحمد لله
أولا:
لا يجوز للعامل أن يسرق من مال صاحب العمل بحجة ضعف الراتب، ولو كان العامل ابنا لصاحب العمل ؛ لأنه ليس مجبرا على العمل ، ولا على قبول راتب لا يكفيه ، فله أن يرفض العمل مع والده ، وله أن يطلب راتبا مناسبا، وليس الأب ملزما بالنفقة عليه حتى يظن أن الابن يأخذ نفقته منه دون علمه ، بل نفقة هذا الابن على نفسه ، لقدرته على الكسب ، وإمكانه أن يعمل بأجرة عند والده ، أو غيره.
ولا يخفى أن السرقة منكر قبيح ، مشتمل على ظلم الغير، وأكل الحرام ، وهي كبيرة من كبائر الذنوب لما جاء فيها من الوعيد والحد ، فقد روى البخاري (6783) ، ومسلم (1687) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ ،وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ .
وقال تعالى : وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ المائدة/38 .
وهذه ليست سرقة فقط ، وإنما هي خيانة لأبيهم أيضًا ، وخيانة الأمانة من كبائر الذنوب ، ومن صفات المنافقين .
وعلى هذا الابن أن ينصح إخوانه ويبين لهم حرمة فعلهم، ووجوب رد المال إلى أبيهم ولو دون علمه، وقد قال صلى الله عليه وسلم : مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ رواه البخاري (6534).
ثانيا:
النصيحة لهذا الابن أن يتفق مع أبيه على راتب يناسبه ، فإن أبى فليبحث عن عمل عند غيره.
وأما أن يأخذ راتبا ضعيفا ، ثم يتكفل الأب بالباقي، فهذا مدعاة للخلاف وحصول الشقاق غالبا، فإن الوالد قد يضيق صدره بكثرة المصروفات ، لا سيما مع غلاء المعيشة ، وكبر سنه، ثم إن من حق الابن أن يدخر شيئا من راتبه له ولأولاده ، فلا يكفي توفير الحاجات مع الراتب الضعيف.
وإن اكتفى بالقليل، وتجنب المال الحرام ، وابتغى البر بوالده، كان محسنا مأجورا، ونرجو أن يبارك الله له ويخلف عليه خيرا.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |