عنوان الفتوى : حكم الكلام في الحمام ، واغلاق بابه، وانارته
هل يجوز الكلام فى الحمام أو الخلاء ؟ وهل يجب إغلاق باب الحمام وإنارة نور الحمام؟ وما صحة ذلك ؟
الحمد لله.
أولا:
الكلام في الحمام له حالتان:
الحالة الأولى: حال كون الإنسان يقضي حاجته؛ ففي هذه الحالة نص بعض أهل العلم على كراهة الكلام مطلقا ، سواء كان بما فيه ذكر لله تعالى أم بغيره.
قال النووي رحمه الله تعالى:
" كراهة الكلام على قضاء الحاجة متفق عليه.
قال أصحابنا: ويستوي في الكراهة جميع أنواع الكلام، ويستثنى مواضع الضرورة بأن رأى ضريرا يقع في بئر، أو رأى حية ، أو غيرها ، تقصد إنسانا أو غيره من المحترمات، فلا كراهة في الكلام في هذه المواضع، بل يجب في أكثرها " انتهى من "المجموع" (2 / 88).
وقد نص على حكم الكراهة في هذه الحالة : فقهاء المذاهب الأربعة . ينظر: "الموسوعة الفقهية" (10/34) .
الحالة الثانية: إذا لم يكن في حال قضاء الحاجة ، ولا كشف العورة : فإن كان التكلم بما فيه ذكر لله تعالى؛ فقد نص كثير من أهل العلم على كراهته داخل الحمام، من باب تعظيم ذكر الله تعالى ، وتنزيه اسمه عن أماكن الأذى والقذر.
وأما غيره من الكلام فالأصل فيه الإباحة ، ولا يعلم في أدلة الشرع ما ينهى عنه.
ثانيا:
إغلاق باب الحمام : إن كان في لأجل ستر العورة ، والاحتراز من أن يمر أحد بباب الحمام ، فيطلع على عورة من هو بداخله ، فهو واجب ، كما لا يخفى ؛ لأن ستر العورة واجب ، وما لا يتم الواجب إلا به ، فهو واجب .
وإن كان منفردا في بيته ، ولا أحد عنده ، أو كان محل قضاء الحاجة في الحمام ، بحيث لا يمكن أن ينظر أحد إلى عورته ، ولو مر بالحمام ، أو نحو ذلك مما يأمن معه اطلاع غيره على عورته : فلا يجب في هذه الأحوال أن يغلق باب الحمام ، إذا دخل فيه .
مع أنه ينبغي له ألا يترك ذلك ، مطلقا ، ولو أمن اطلاع غيره على عورته ، صيانة للنفس ، وليأمن من أن يسمع أحد ما يخرج منه من صوت ، ونحو ذلك ؛ فلا شك أن الاطمئنان ، بغلق الباب : أولى بكل حال ، وأحسن في الأدب .
وقد كان من أدب النبي صلى الله عليه وسلم ، أن يرتاد لقضاء حاجته ، مكانا بعيدا عن الناس .
وترجم على ذلك الإمام الترمذي رحمه الله في سننه : " بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْحَاجَةَ أَبْعَدَ فِي الْمَذْهَبِ " .
ثم روى فيه (20) ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: " كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَتَهُ، فَأَبْعَدَ فِي الْمَذْهَبِ ".
قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. اهـ ، وصححه الألباني .
وأما أن يكون إغلاق الباب من أجل الشياطين : فلا نعلم لذلك أصلا ، ولا نعلم أدبا يخص الشياطين في الحشوش ، وأماكن قضاء الحاجة ، أكثر من ذكر الله عند الدخول ، والتعوذ به من الخبث والخبائث .
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ، فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ رواه أبو داود (6)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".
وقال الخطابي رحمه الله تعالى:
" ( الْحُشُوشَ ) الكُنُف - أي المراحيض-.
ومعنى ( مُحْتَضَرَةٌ ) أي تحضرها الشياطين وتنتابها.
و (الْخُبُثِ) جماعة الخبيث، و(الْخَبَائِثِ) جمع الخبيثة؛ يريد ذكران الشياطين وإناثهم " انتهى من "معالم السنن" (1 / 10).
وقال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى:
" (إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ) أي للجان والشياطين، بيان لمناسبة هذا الدعاء المخصوص لهذا المكان المخصوص " انتهى من"احكام الأحكام" (1 / 50).
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (26816) ، ورقم : (132516) ، ورقم : (286684) .
ثالثا:
إنارة الخلاء عند الدخول إليه؛ إن كان المقصود أن له دور في حفظ الإنسان من أذى الجن والشياطين، فلا نعلم له أصلا في الكتاب ، ولا السنة ، ولا أقوال أهل العلم في المسألة ، بل إن لم يكن هناك أحد بداخل الحمام ، فإنارة المصباح فيه : أقرب إلى التبذير ، وإضاعة المال ، من غير حاجة ، ولا أدب حث عليه الشرع .
وينظر للفائدة حول آداب قضاء الحاجة : جواب السؤال رقم : (2532) .
والله أعلم.