عنوان الفتوى : وقف خيرى
بخطاب وزارة الأوقاف المؤرخ 29 أكتوبر سنة 1928 رقم 33 بما صورته - يهم الوزارة الوقوف على رأى فضيلتكم فى المسائل الآتية (المسألة الأولى) ما المراد من مصالح المسجد إذا كان الوقف على مصالح المسجد - (المسألة الثانية) إذا تقرر أن وزارة الأوقاف لا تصرف ريع ما هو موقوف على مصالح الحرمين وإنما تنفق منه على بعض وجوه البر فى مكة والمدينة، وقد أنشئت لجنة مهمتها صرف الريع فى جهات البر. فهل على الوزارة أن تسلم الريع لهذه اللجنة لتتولى الصرف مع العلم بأن المصالح غير محتاجة لشىء من ريع ما هو موقوف عليها (المسألة الثالثة) ما الحكم إذا تعذر على الناظر أن يصرف ريع الموقوف على مصالح المسجد فى وجوهه بنفسه أو بنائب عنه موثوق به فأرجو إبداء الرأى فى هذه المسائل
اطلعنا على كتاب معاليكم رقم 29 أكتوبر سنة 1928 دوسيه 40/12 المتضمن طلب رأينا فى المسائل المذكورة وهى - المسألة الأولى - ما المراد من مصالح المسجد إذا كان الوقف على مصالح المسجد المسألة الثانية - إذا تقرر أن وزارة الأوقاف لا تصرف ريع ما هو موقوف على مصالح الحرمين وإنما تنفق منه على بعض وجوه البر فى مكة والمدينة، وقد أنشئت لجنة مهمتها صرف الريع فى جهات البر - فهل على الوزارة أن تسلم الريع لهذه اللجنة لتتولى الصرف مع العلم بأن المصالح غير محتاجة لشىء من ريع ما هو موقوف عليها - المسألة الثالثة - ما الحكم إذا تعذر على الناظر أن يصرف ريع الموقوف على مصالح المسجد فى وجوهه بنفسه او بنائب عنه موثوق به - ونفيد أولا - عن المسألة الأولى بأنه قد نص الفقهاء على أن من مصالح المسجد الإمام والخطيب والمقيم والمؤذن والفراش والبواب وعمارة المسجد وماء الوضوء وكلفة نقله وشراء الدهن وغير ذلك، ولم نقف لهم بعد البحث الدقيق على التصريح بضابط جامع لكل ما يدخل تحت هذا للفظ (مصالح المسجد) - ولكن المأخوذ من كلامهم أن ما لابد منه لإقامة الشعائر على الوجه الأكمل من عمارة وإمام ومؤذن وغير ذلك هو المراد من المصالح وأنها لا تشمل ما خرج عن ذلك - على أنهم قد نصوا على أن الفاظ الواقفين يراد منها ما هو مدلول اللفظ عرفا، ولا شك أن المتعارف فى معنى مصالح المسجد هو كل ما تقوم به الشعائر على الوجه الأتم الأكمل. وثانيا - عن المسألة الثانية - بأن مما يدخل تحت ولاية الناظر أن يقوم بصرف الريع فى مصارفه حسب شرط الواقف وما يقتضيه الحكم الشرعى - فقد جاء فى أحكام الأوقاف للإمام الخصاف ما يفيد أن وظيفة الناظر هى القيام بعمارة الموقوف واستغلاله وبيع غلاته وتفريق ما يجتمع من غلاته فى الوجوه التى سلبها الواقف فيها، وحينئذ فليس لغير الناظر ولاية فى إنفاق الريع فى مصارفه إلا بطريق النيابة عنه برضاه ما لم يشرط الواقف أن يكون الصرف على وجه آخر فإنه يتبع - وأيضا فإن الواقف حينما يقول يصرف ذلك على مصالح الحرمين إنما يقصد أن يتولى الصرف ناظر الوقف، ولا شك أن هذا شرط لا يجوز مخالفته ويجب العمل به - وقد جاء فى فتاوى الشيخ الحانوتى ما يأتى فى شرط واقف ما نصه ويصرف ناظر وقفى هذا فى كل سنة من السنين من الفلوس النحاس كذا ألف درهم ومائتى درهم أو ما يقوم مقامها من النقود عند الصرف لمصالح الجامع بناحية كذا ويصرف من الفلوس الموصوفة ألف درهم ومائتى درهم لمصالح الساقية وحوض السبيل هذا نصه. فهل ناظر هذا الوقف ناظر على المسجد والساقية بحيث تلزمه عمارتهما لو خربا من مال الوقف أو ليس بناظر عليهما ولا يلزمه عمارتهما بل يلزمه صرف ما شرط الواقف للناظر عليهما فأجاب بأن العمارة تدخل فى الوقف على مصالح المسجد وعلى هذا يصرف الناظر ما عينه الناظر (كذا فى النسخة) وظاهر أنه تحريف وصوابه (الواقف) لمصالح المسجد الشامل لعمارته ويتولى صرف ذلك الناظر المذكور لقوله (ويصرف ناظر وقفى هذا إلخ) ومثله الوقف على مصالح الساقية (ارجع إلى الوجه الأول من الورقة رقم 150 من النسخة الخطية رقم 294 المحفوظة بدار الكتب الملكية) وإذا كان الصرف فى المصالح من حق الناظر لا من حق غيره كان الصرف فى جهات البر الأخرى اتباعا للحكم الشرعى حقا له دون غيره من باب أولى - وأيضا فإن الصرف فى جهات البر الأخرى إنما هو مبنى على أن الفاضل من ريع المسجد عند ظن عدم حاجة المسجد ومصالحه إليه نظير فاضل الأوقاف الأخرى فى أنه يصرف إلى جهات بر - وقد نقل الحموى عن فتاوى الإمام قاضيخان فى هذا (أن الناظر له صرف فاضل الوقف إلى جهات بر بحسب ما يراه) ومتى كان الرأى له وجب أن يكون الصرف بواسطته دون أن يكون لغيره دخل فى ذلك. والخلاصة أننا نرى أنه ليس على الوزارة أن تسلم الريع للجنة المذكورة. وثالثا - عن المسألة الثالثة بأنه إذا تعذر على الناظر صرف الريع المذكور فى وجوهه بنفسه أو بنائب عنه موثوق به فإن كان هذا لقيام آخر بالصرف على مصالح المسجد حتى استغنت ولم يشرط الواقف لكل واحد من أرباب الشعائر قدرا معينا بل جعل الوقف على المصالح جملة ولم يفصل ما لكل منها أو قال إنه يصير وقفا على الحرمين وسكت كان الريع فى هذه الحالة من قبيل فاضل ريع المسجد، ويأخذ حكمه من شراء مستغل له إن كان يظن الحاجة إليه فى المستقبل، وإلا فإن فاضل الريع يصرفه الناظر فى جهات بر (وقد بين ذلك بوضوح فى قرارات محكمة مصر الشرعية الصادرة فى شأن ذلك) وكل هذا إذا لم يكن للواقف شرط يبين حكم الريع حال الاستغناء، أما إن وجد هذا الشرط فالواجب ابتاعه - وإنما قلنا إنه يعتبر من قبيل الفاضل فى هذه الحالة لأن المفهوم من كلام الواقفين أن مرادهم الإنفاق على المصالح بقدر حاجتهم وكفايتها، وليس من أغراضهم إنفاق الريع فى المصالح وإن زاد عن الحاجة وتجاوزها إلى الإسراف، فإذا أقيمت الشعائر من جهات أخرى وأصبحت المصالح فى غنى عن هذا الريع كان من قبيل الفاضل كما هو واضح، أما إذا شرط الواقف لكل صاحب وظيفة قدرا معينا فإن كلا منهم يستحق كل المعين له وإن زاد عن كفايته وأجر مثله، لأن الزيادة حينئذ تكون من قبيل الاستحقاق كما تدل على ذلك عبارة الحاوى فى مسألة تقديم أرباب الشعائر، وكما نص عليه فى الناظر إذا شرط له أكثر من أجر مثله - أما إذا منع الناظر من صرف الريع فى المصالح مع احتياجها فليس من الممكن إعطاء حكم عام بل الواجب الرجوع إلى كتاب كل وقف حتى يعرف مصير الريع فى هذه الحالة، مع العلم بأنه إذا كان الواقف قد شرط أنه إذا تعذر الصرف فى المصالح صرف الريع إلى الفقراء مثلا كما هو المتعارف فى كثير من كتب الواقفين - كان منع الناظر فى هذه الحال من قبيل تعذر الصرف ويصرف الريع إلى الفقراء. ولو اقترن شرط الواقف بما اعتادوا ذكره من قولهم (والعياذ بالله) لأن منع الناظر من الصرف ظلم يستعاذ منه - هذا ما يقتضيه كلام الفقهاء فى فاضل ريع المسجد وما قالوه من حمل كلام الواقف على ما يدل عليه عرفا - هذا ما ظهر لنا فى هذه المسائل. والله أعلم. ے
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |