عنوان الفتوى : أحوال ضمان المضارب
فضيلة الشيخ: أفتونا جزاكم الله خيرا. أختاي، وأمي، وضعن مبلغا من المال عند خالي؛ ليتاجر لهم به، في متجره للأدوات الكهربائية. كان هذا قبل اندلاع الثورة في سوريا، وفي أول الأحداث، وعندما بدأت الليرة السورية بالانهيار، ذهبت أخواتي إلى خالي، من أجل تبيين كيف سيتم احتساب المبلغ في حال انهيار الليرة، وطالبنه بأن يكون الحساب بالذهب، فقال لهن بأنه سيحتسب المال بضاعة، أي أن أموالهم أصبحت أدوات كهربائية، ويتم احتسابها كذلك. بعد فترة من الزمن، تقريبا سنتين، جاءت قوات الأسد لاقتحام البلدة، وحوصرت البلدة تقريبا ثلاثة أشهر، في هذه المدة كل أهل البلدة هربوا منها، وأخرجوا أموالهم من البلدة بما فيهم أخواتي. لكن خالي بقي في البلدة، ولم يخرج، ولم يخرج البضاعة. ونصحه كل من يعرفه بإخراج البضاعة من البلدة، ولم يبال بأحد، فيما الناس أخرجوا حتى حاجياتهم الشخصية، وبدأت الحرب على البلدة، واستمرت شهرا كاملا، في هذا الشهر خلت البلدة من كل الناس، وكل الناس أخرجوا بضائعهم، إلا خالي لم يخرج بضاعته. وعندما بدأ الجيش دخول البلدة، هرب خالي، وترك البضاعة لتسرق. سؤالي: هل يتحمل خالي مسؤولية البضاعة، ويدفع لأخواتي قيمة البضاعة، أم تتحملها أخواتي، مع العلم أن الاتفاق كان إذا أرادت إحدى أخواتي أن تأخذ أموالها، يجب عليها الانتظار مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر حتى يدفع لها. وكيف يتم احتساب المبلغ، علما بأن سعر صرف الدولار كان 50 مقابل الليرة، بينما الآن أصبح سعر صرف الدولار 250 مقابل الليرة. أفتونا جزاكم الله عنا خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الخال قد حصل منه تقصير في ترك ما يجب من الحفظ، والتراخي في نقل المال، وإحرازه من اللصوص، والمعتدين، فعليه الضمان.
وإذا كان كذلك، فيضمن رأس المال، وربحه إن كان قد ظهر ربح قبل تعديه وتفريطه، ولا ينظر الى قيمة الليرة عند دفعها إليه.
قال الماوردي في الحاوي الكبير: الضرب الثاني: أن يكون تعديه لتغريره بالمال، مثل أن يسافر به، ولم يؤمر بالسفر، أو يركب به بحرا، ولم يؤمر بركوب البحر، فإن كان قد فعل ذلك مع بقاء عين المال بيده، ضمنه، وبطل القراض بتعديه؛ لأنه صار مع تعديه في عين المال غاصبا. وإن كان قد فعل ذلك مع انتقال عين المال إلى عروض مأذون فيها، ضمنها بالتعدي. اهـ.
والمرجع في الحكم على التصرف أنه تفريط، هي شروط العقد، وواقع الحال. وعند النزاع، يرفع الأمر إلى القضاء الشرعي، أو يشافه به أهل العلم في البلد محل السؤال.
جاء في الموسوعة الفقهية: وإذا تعدى المضارب، وفعل ما ليس له فعله، فهو ضامن للمال؛ لأنه متصرف في مال غيره، بغير إذنه، فلزمه الضمان كالغاصب. اهـ.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي، التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ما يلي: المضارب أمين، ولا يضمن ما يقع من خسارة، أو تلف، إلا بالتعدي، أو التقصير، بما يشمل مخالفة الشروط الشرعية، أو قيود الاستثمار المحددة، التي تم الدخول على أساسها. اهـ.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي، التابع لرابطة العالم الإسلامي ما يلي: الخسارة في مال المضاربة، على رب المال في ماله، ولا يُسأل عنها المضارب إلا إذا تعدى على المال، أو قصر في حفظه. اهـ.
والله أعلم.