عنوان الفتوى : تفسير قوله تعالى: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ..)
بسم الله الرحمن الرحيمما علاقة قوله عز وجل في الآيات الكريمة رقم من4 إلى 6 في سورة الإسراء، بما يحدث هذا اليومومن هم أولي البأس الشّديد؟ جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تعالى: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً [الإسراء:4- 6].
فقد أخبر الله تعالى في هذه الآيات أن بني إسرائيل سيفسدون في الأرض مرتين، ويتجبرون فيها، وقد حصل ذلك منهم، فأرسل الله عليهم في المرة الأولى بختنصر فاستباح بيضتهم واستأصل شأفتهم وأذلهم وقهرهم جزاء وفاقاً، ثم رد الله لبني إسرائيل قوتهم ومدهم كأول مرة فعتوا كسابق عهدهم، وحصل منهم إفساد في الأرض كالإفساد الأول أو يزيد، فأرسل الله عليهم من فعل بهم مثل فعل بختنصر أو يزيد، وهو بيردوس ملك بابل، كما ذكر ذلك البيضاوي في تفسيره، وبعد أن هزمهم وقهرهم، ودب اليأس في قلوبهم، بين لهم عز وجل أنه سيرحمهم إن تابوا وأنابوا، فقال: عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ [الإسراء:8]، وحذّرهم إن هو أنعم عليهم بطاعتهم له أن يعودوا إلى الإفساد مرة أخرى؛ لأن هلاكهم في ذلك، فقال عز وجل: وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا [الإسراء:8]. أي إن عدتم إلى الإفساد عدنا إلى إذلالكم، ومع هذا التحذير والإنذار نجد أنهم يعودون لهذا الإفساد ويعيد الله عليهم سوء العذاب، قال الله تعالى: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ [آل عمران: م112].
وإننا لنبشر -الأخ السائل وجميع أمة المسلمين- أن الله تعالى ناصرنا على اليهود مهما علو وعتو، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله. رواه البخاري ومسلم.
ولكن لن يكون هذا النصر إلا إذا أخذ المسلمون بأسبابه، وسعوا لحصوله، فإن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولو أن الله تعالى نصر المسلمين مع ما هم عليه من التفريط والإهمال، لكان ذلك لهم ولجميع الأمم فتنة؛ لأن نصر المسلمين يكمن في تمسكهم بدينهم وعبادتهم لربهم، قال تعالى: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ [الحج:40]. وقال تعالى: وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [الصافات:173]. وقال تعالى: وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:139].
ولمزيد من الفوائد راجع الفتاوى رقم:
8099 -
8756.
ولمعرفة أسباب النصر راجع الفتوى رقم:
27216.
والله أعلم.