عنوان الفتوى : الترهيب من ذم المسلم وتحقيره بغير وجه حق
كثيرا ما نسمع جملة "يا طرش البحر" تقال لمن تجنس بالجنسية السعودية وأصوله ترجع لدول أخرى. فما فتواكم فيمن يقول هذه الكلمة؟ وما ردكم عليها؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز إيذاء المسلم بغير وجه حق، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}، قال السيوطي في (الإكليل في استنباط التنزيل): فيه تحريم أذى المؤمن إلا بوجه شرعي، كالمعاقبة على ذنب، ويدخل في هذه الآية كل ما يؤدي للإيذاء. اهـ.
وقال القرطبي في تفسيره: أذية المؤمنين والمؤمنات هي أيضا بالأفعال والأقوال القبيحة... وقد قيل: إن من الأذية تعييره بحسب مذموم، أو حرفة مذمومة، أو شيء يثقل عليه إذا سمعه؛ لأن أذاه في الجملة حرام. اهـ.
ومن جملة ذلك: تحقيره والاستهزاء به، وهمزه والسخرية منه، ونبزه بلقب يكرهه، وحسبنا في ذلك قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الحجرات:11}، قال السعدي: {لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ} بكل كلام وقول وفعل دال على تحقير الأخ المسلم، فإن ذلك حرام لا يجوز، وهو دال على إعجاب الساخر بنفسه، وعسى أن يكون المسخور به خيرًا من الساخر، كما هو الغالب والواقع، فإن السخرية لا تقع إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق، متحل بكل خلق ذميم، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بحسب امرئ من الشر، أن يحقر أخاه المسلم". ثم قال: {وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} أي: لا يعب بعضكم على بعض، واللمز: بالقول، والهمز: بالفعل، وكلاهما منهي عنه حرام، متوعد عليه بالنار، كما قال تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} الآية، وسمي الأخ المؤمن نفسًا لأخيه، لأن المؤمنين ينبغي أن يكون هكذا حالهم كالجسد الواحد، ولأنه إذا همز غيره، أوجب للغير أن يهمزه، فيكون هو المتسبب لذلك، {وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ} أي: لا يعير أحدكم أخاه، ويلقبه بلقب ذم يكره أن يطلق عليه.اهـ. وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 66747، 188137، 109216.
والله أعلم.