عنوان الفتوى : القول الراجح في أول وآخر وقت العصر
ما الفارق في توقيت صلاة العصر بين المذهب الشافعي والمذهب الحنفي وأيهما أصح؟ أفيدونا أفادكم الله ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أول وقت العصر عند الشافعية هو إذا صار ظل الشيء مثله سوى ظل الزوال، وآخره غروب الشمس على ما نص عليه الشافعي رحمه الله وقطع به جمهور أصحابه، وعند الأحناف أول وقت العصر إذا صار ظل الشيء مثليه ويستمر كذلك إلى غروب الشمس كما ذكر الكاساني في البدائع وغيره.
والصحيح أن أول وقت العصر إذا صار ظل الشيء مثله سوى ظل الزوال ويستمر إلى أن تصفر الشمس، ثم هو وقت ضرورة إلى غروبها، وذلك لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وصلى بي جبريل العصر حين كان كل شيء مثل ظله، ثم صلى بي المرة الأخيرة حين صار ظل كل شيء مثليه). رواه أحمد وأبو داود بسند صحيح.
ولحديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس).
ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من فاته العصر حتى غربت الشمس فكأنما وُتِر أهله وماله). أخرجه البخاري ومسلم، فجعل صلى الله عليه وسلم غروب الشمس غاية العصر.
ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها). أخرجه البخاري ومسلم.
وأما حديث جبريل الذي ذكر فيه آخر وقت العصر حين قال: ثم صلى بي المرة الآخيرة حين صار ظل كل شيء مثليه. فإنما ذكر فيه وقت الاختيار لا وقت الجواز بدليل الأحاديث الصحيحة الأخرى، ولأن هذه الأحاديث متأخرة عن حديث جبريل فيكون العمل عليها ولأنها أصح منه؛ وإن كان هو صحيحاً، ولأن الحائض وغيرها من أهل الأعذار إذا زال عذرهم قبل الغروب بركعة لزمتهم العصر، ولو كان الوقت قد خرج لم يلزمهم ذلك.
والحاصل أن مجموع الأحاديث يدل على أن العصر له وقت اختيار وهو إلى مصير ظل الشيء مثليه، ووقت جواز وهو إلى اصفرار الشمس، ووقت اضطرار وهو إلى غروب الشمس. وأما ابتداؤه فهو من مصير ظل الشيء مثله.
والله أعلم.