عنوان الفتوى : مرويات حول صحبة أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم في الغار
أريد الأحاديث الدالة على صحبة أبي بكر للنبي -صلى الله عليه وسلم- في الغار من كتب الأحاديث التسعة جميعها -إن أمكن ذلك-. وأريد أن أتحقق من صحة رواية في مسند الإمام أحمد ص 221 الجزء الثاني - تحقيق: أحمد شاكر في أن أبا بكر جاء لعلي وهو نائم بفراش النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمكننا الوقوف على أربعة أحاديث مروية في الكتب التسعة تدل على أن من صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغار هو أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، وهي كالتالي:
ما رواه الإمام أحمد في مسنده: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي الْغَارِ -وَقَالَ مَرَّةً: وَنَحْنُ فِي الْغَارِ- لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ. قَالَ: فَقَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا؟".
وما رواه الإمام البخاري في صحيحه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا فِي الغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: «مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟».
وما رواه الإمام مسلم في صحيحه: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ - قَالَ عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا - حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، حَدَّثَهُ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُؤوسِنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا؟».
وأخيرًا: ما رواه الإمام الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ البَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ، قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ فِي الغَارِ: لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا.
وكون أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- هو صاحب النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغار مما تواتر به الخبر، وأجمع عليه المسلمون. وراجع الفتوى رقم: 112648.
وأما الحديث الذي أشرت إلى فقرة منه: فهو حديث طويل أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وفيه: قَالَ: وَشَرَى عَلِيٌّ نَفْسَهُ، لَبِسَ ثَوْبَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ نَامَ مَكَانَهُ، قَالَ: وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَرْمُونَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ نَائِمٌ، قَالَ: وَأَبُو بَكْرٍ يَحْسَبُ أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ، قَالَ: فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنَّ نَبِيَّ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِ انْطَلَقَ نَحْوَ بِئْرِ مَيْمُونٍ، فَأَدْرِكْهُ. قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَدَخَلَ مَعَهُ الْغَارَ، قَالَ: وَجَعَلَ عَلِيٌّ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ كَمَا كَانَ يُرْمَى نَبِيُّ اللهِ، وَهُوَ يَتَضَوَّرُ، قَدْ لَفَّ رَأْسَهُ فِي الثَّوْبِ، لَا يُخْرِجُهُ حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ كَشَفَ عَنْ رَأْسِهِ، فَقَالُوا: إِنَّكَ لَلَئِيمٌ، كَانَ صَاحِبُكَ نَرْمِيهِ فَلا يَتَضَوَّرُ، وَأَنْتَ تَتَضَوَّرُ، وَقَدِ اسْتَنْكَرْنَا ذَلِكَ ... انتهى.
وقد اختلف أهل العلم في الحكم عليه، فقال فيه الشيخ/ أحمد شاكر: إسناده صحيح. وقال فيه الشيخ/ شعيب الأرنؤوط، والمحققون معه: إسناده ضعيف بهذه السياقة. وقالوا: وقصة نوم علي -رضي الله عنه- في فراش رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رويت في كتب السير وغيرها، وليس فيها إسناد قائم. وانظر "الطبقات" لابن سعد 1/228، و"دلائل النبوة" للبيهقي 2/465 و466 و468 و470. انتهى.
والله أعلم.