عنوان الفتوى : تعليق آيات القرآن على الجدران بين المنع والجواز
هل حرام تعليق آيات من القرآن على الحائط؟ أو على السيارات؟ وماذا أفعل إن وجدت آيات مكتوبة في ورقة، وهذه الورقة قديمة جدا، وبعض الكلمات لا تظهر؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأما تعليق آيات القرآن على الجدران فقد اختلفت فيه أقوال العلماء المعاصرين بين مجيز ومانع ، فممن أفتى بالجواز الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى .
سئل ابن باز ـرحمه الله تعالى ـ: هل يجوز تعليق السور من القرآن الكريم أو الأحاديث الشريفة على جدران المنازل، مثل آية الكرسي أو المعوذات أو أي شيء من القرآن، والقصد من ذلك المحبة للقرآن والأحاديث النبوية هل يجوز ذلك، علما بأن هذه الظاهرة منتشرة في كثير من الأماكن؟ فأجاب بقوله: لا مانع من تعليق الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية في المجالس والمكاتب كل ذلك لا بأس به؛ للتذكير والعظة والفائدة، لا اتخاذها حروزا تمنع من الجن، ونحو ذلك، وإنما تعلق للفائدة والذكرى. اهــ
وممن أفتى بالمنع الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ ونحن ننقل كلامه كاملا لما فيه من الفائدة، قال رحمه الله تعالى في فتاوى نور على الدرب: تعليق الآيات القرآنية على الجدران وأبواب المساجد وما أشبهها- هو من الأمور المحدثة التي لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح الذين هم خير القرون، كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، ولو كان هذا من الأمور المحبوبة لله عز وجل لشرعه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن كل ما ينفع الناس في دينهم ودنياهم فهو مشروع على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو كان هذا من الخير لكان أولئك السلف الصالح أسبق إليه منا، ومع هذا فإننا نقول لهؤلاء الذين يعلقون هذه الآيات: ماذا تقصدون من هذا التعليق؟ أتقصدون بذلك احترام كلام الله عز وجل؟ فإن قالوا: نعم. قلنا: لسنا والله أشد احتراماً لكتاب الله سبحانه وتعالى من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يعلقوا شيئاً من آيات الله على جدرانهم أو جدران مساجدهم، وإن قالوا: نريد بذلك التذكير والموعظة. قلنا: لننظر إلى الواقع، فهل أحد من الناس الذين يشاهدون هذه الآيات المعلقة يتعظ بما فيها؟ قد يكون ذلك ولكنه نادر جداً، وأكثر ما يلفت النظر في هذه الآيات المكتوبة حسن الخط، أو ما يحيط بها من البراويز والزخارف، أو ما أشبه ذلك وهو نادر جداً أن يرفع الإنسان رأسه إليها ليقرأها فيتعظ بما فيها، وإن قالوا: نريد التبرك بها. فيقال: ليس هذا طريق التبرك، والقرآن كله مبارك، لكنه بتلاوته وتفقد معانيه والعمل به، لا بأن يعلق على الجدران ويكون كالمتاحف، وإن قالوا: أردنا بذلك الحماية والوِرد، قلنا: ليس هذا طريق الحماية والوِرد، فإن الأوراد التي تكون من القرآن إنما تنفع صاحبها إذا قرأها، كما في قوله صلى الله عليه وسلم فيمن قرأ آية الكرسي في ليلة: (لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح)، ومع هذا فإن بعض المجالس ـ أو كثيراً من المجالس ـ التي تكتب فيها الآيات قد يكون فيها اللغو، بل قد يكون فيها الكلام المحرم، أو الأغاني المحرمة، وفي ذلك من امتهان القرآن المعنوي ما هو ظاهر، ثم إن الامتهان الحسي الذي أشار إليه السائل ـ بأن هذه الأوراق قد تتساقط في الأسواق وعلى القاذورات، وتوطأ بالأقدام ـ هو أمر آخر أيضاً مما ينبغي أن ينزه عنه، بل مما يجب أن ينزه عنه كلام الله عز وجل، والخلاصة: أن تعليق هذه الآيات إلى الإثم أقرب منه إلى الأجر، وسلوك طريق السلامة أولى بالمؤمن وأجدر، على أنني أيضاً رأيت بعض الناس يكتب هذه الآيات بحروف أشبه ما تكون مزخرفة، حتى إني رأيت من كتب بعض الآيات على صورة طائر أو حيوان، أو رَجُلٍ جالسٍ جلوس التشهد في الصلاة أو ما أشبه ذلك، فيكتبون هذه الآيات على وجه محرم، على وجه التصوير الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعله. اهـــ .
وأما ماذا تفعل بالأوراق القديمة المكتوب فيها بعض الآيات القرآنية فتجد الجواب في الفتوى رقم: 224968، والفتوى رقم: 130690، والفتوى المحال إليها فيها، وأيضا الفتوى رقم: 218242.
والله تعالى أعلم