عنوان الفتوى : حكم البيع بالمرابحة مع بقاء السيارة في المصنع
الســـــــــؤال: نحن عمال شركة وطنية جزائرية ، تعاقدت مؤخرا مع مصرف السلام الجزائر عقدا سموه "عقد المرابحة للآمر بالشراء"، یقضی بتمکین عمال الشركة من الاستفادة من سيارات مصنعة محليا (هيونداي ورونو) وذلك بشرائها بالتقسيط من البنك وتكون العملية كالتالي : 1- طلب الشراء من طرف العامل مع ذكر مواصفات وخصائص السيارة ، وتقديم الوعد بالشراء. 2- بعد دراسة الملف ، وبعد الموافقة عليه من طرف البنك ، يقوم البنك بشراء السيارة من المصنع وتملكها تحت صيغة "ملك البنك لصالح المعني فلان..." 3- السيارة تبقى مركونة في موقف المصنع لكنها ملك للبنك ، وأي ضرر يلحق بها يقع تحت مسؤولية المالك (البنك). 4- يتم استدعاء المعني الإمضاء عقد الشراء ودفع المبلغ الأولي واستلام السيارة ، ومن ثم سريان الاتفاقية ، واقتطاع الأقساط من حساب المعني الذي يعلم مسبقا بمبلغ السيارة. ملاحظة: هذا العقد لا يشترط عقوبات على التأخير أو تأمين على الحياة أو تأمينات على الأخطار، فما حكم هذا التعامل ؟ .
الحمد لله.
أولا:
تقدم لنا الكلام على "بيع المرابحة للآمر بالشراء" في أجوبة كثيرة، وفيها بيان أنه يلزم لصحة المعاملة أمران:
الأول: أن يملك البنك السلعة ملكا حقيقيا قبل بيعها على العميل؛ للنهي عن بيع الإنسان ما لا يملك. ومن ذلك ما روى النسائي (4613) وأبو داود (3503) والترمذي (1232) عن حكيم بن حزام قال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيَسْأَلُنِي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي أَبِيعُهُ مِنْهُ ثُمَّ أَبْتَاعُهُ لَهُ مِنْ السُّوقِ قَالَ: (لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) والحديث صححه الألباني في صحيح النسائي.
الثاني: أن يقبض السلعة قبل بيعها على العميل، ويخرجها من المصنع أو محل بائعها الأول؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: (إِذَا اشْتَرَيْتَ مَبِيعاً فَلا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ) رواه أحمد (15316) والنسائي (4613) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 342
وأخرج الدارقطني وأبو داود (3499) عن زيد بن ثابت (أن النبي صلى الله عليه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم) والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ ابْتَاعَ طَعَاماً فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ) رواه البخاري (2132) ومسلم (1525)، وزاد: قال ابن عباس: وأحسب كل شيء مثله. أي لا فرق بين الطعام وغيره في ذلك.
وقبض كل شيء بحسبه، فقبض المنقولات كمواد البناء: أن تنقل من محلها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وما ينقل: مثل الثياب والحيوان والسيارات وما أشبه ذلك : يحصل بنقلها؛ لأن هذا هو العرف" انتهى من الشرح الممتع (8/ 381).
ثانيا:
مسألة قبض السلعة قبل بيعها : فيها خلاف بين الفقهاء، فمنهم من لا يشترط القبض إلا في الطعام، كمذهب المالكية، ومنهم من يشترطه في المكيل والموزون والمعدود كالحنابلة، ومنهم من يشترطه في جميع السلع إلا العقار وهم الحنفية، ومنهم من يشترطه في جميع السلع، كالشافعية، والظاهرية، ورواية عن أحمد، وهو قول محمد بن الحسن، وزفر من الحنفية، ويروى عن ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وهو المفتى به عندنا.
وينظر: البحر الرائق (5/ 332)، بدائع الصنائع (5/ 180)، التاج والإكليل (4/ 482)، الذخيرة (5/ 132)، حاشية الدسوقي (3/ 151)، المجموع (9/ 264)، مغني المحتاج (2/ 68) ، الإنصاف (4/ 332)، كشاف القناع (3/ 241)، الموسوعة الفقهية (9/ 123).
وعلى القول باشتراط القبض : فمن الفقهاء من يرى أن قبض المنقول يكون بالتخلية والتمكين، وهو مذهب الحنفية، وينظر: بدائع الصنائع (5/ 244).
وعلى مذهبهم، ففرز السلع في مخازن البائع يعتبر قبضا، وتبقى السلعة بعد ذلك أمانة لديه ، فلا يضمنها إلا بالتعدي أو بالتفريط.
والأرجح : ما قدمناه من أن قبض المنقول لا يكون إلا بنقله.
وعليه : فلا يصح أن يبيع البنك السيارة وهي في المصنع.
لكن من كان قد استفتى من يقول بقصر القبض على الطعام مثلا، وأخذ بقوله : فلا حرج عليه، ولا يؤمر بفسخ البيع الذي عقده بناء على قول من أفتاه بذلك .
ثالثا:
جاء في سؤالك أن البنك "ملَكَ لصالح المعني فلان..." وهذه عبارة موهمة، فإنها تحتمل أن الملك ابتداء كان للعميل وأن البنك مجرد وسيط في ذلك، وممول للعملية ؛ وهذا يوجب تحريم المعاملة؛ لأن ما يدفعه البنك للمصنع يكون قرضا للعميل، فإن شرط استرداده منه بزيادة، كان ربا.
وتحتمل أن البنك ملك لنفسه، لكن أراد الإشارة إلى أنه اشتراها ليبيعها لفلان ، بناء على وعده .
والواجب في عقد البنك مع المصنع أن يكون الشراء للبنك صريحا، وألا يذكر أمر العميل بنحو هذه الصيغة.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |