عنوان الفتوى : التكييف الشرعي لخطاب الضمان
من الأمور المتعارف عليها في الأنظمة المالية اليوم أن التاجر إذا أراد أن يستورد بضاعة مثلا فإنه يطلب من البنك خطاب ضمان على مبلغ معيّن في حسابه أو من البنك ويأخذ البنك مقابلا على إعطائه خطاب الضمان فما حكم خطاب الضمان هذا مع الدليل الشرعي؟وإذا كان لا يجوز فما البديل لتسيير أمور الناس؟وهل هذا من القرض الذي جر نفعا وهل هذا من الكفالة وهل الكفالة لا يجوز أخذ العوض عليها أفيدونا جزاكم الله خيراً
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فخطاب الضمان المصرفي هو: (تعهد قطعي مقيد بزمن محدد غير قابل للرجوع يصدر من البنك بناءً على طلب طرف آخر (عميل فيه) بدفع مبلغ معين لأمر جهة أخرى مستفيدة من هذا العميل، لقاء قيام العميل بالدخول في مناقصة، أو تنفيذ مشروع بأداء حسن، ليكون استيفاء المستفيد من هذا التعهد (خطاب الضمان) متى تأخر أو قصر العميل، في تنفيذ ما التزم به للمستفيد، في مناقصة أو تنفيذ مشروع ونحوهما، ويرجع البنك بعدُ على العميل بما دفعه عنه للمستفيد).
وبناء على هذا التعريف تبين أن خطاب الضمان ما هو إلا عقد كفالة بين العميل والجهة المصدرة له، وجمهور أهل العلم يقررون عدم جواز أخذ العوض على الكفالة (الضمان)، وذلك للأدلة التالية:
1-أنه يؤول إلى قرض جر نفعاً، ووجه ذلك: أنه في حال أداء الضامن (المصدر) عن المضمون (العميل طالب الضمان) يكون العوض مقابل هذا الدفع الذي هو بمثابة قرض في ذمة المضمون عنه.
2-إن عقد الضمان مبناه في الشرع على الإرفاق والإحسان، وفي أخذ العوض عليه، دفع لهذا المقصد الشرعي.
3-في حالة استيفاء المضمون له من طالب الضمان، يكون أخذ الضامن للعوض بلا حق، وهذا من أكل أموال الناس بالباطل.
وخطاب الضمان له أنواع شتى باعتبارات مختلفة، فباعتبار الجهة الطالبة له ينقسم إلى نوعين:
أولاً: خطاب الضمان الابتدائي.
ثانياً: خطاب الضمان الانتهائي: وينقسم إلى ثلاثة أنواع:
1-خطاب ضمان ليس له غطاءً أصلاً.
2-خطاب ضمان له غطاء كامل.
3-خطاب ضمان له غطاء لنسبة منه (غير كامل).
وبناء على المعطيات السابقة، التي بينت التكييف الشرعي لخطاب الضمان مع ذكر أنواعه، صدر قرار المجمع الفقهي الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي، والمنعقد في جدة عام: 1406هـ-1985م وهذا نصه:
1-أن خطاب الضمان بأنواعه الابتدائي والانتهائي لا يخلو إما أن يكون بغطاء أو بدونه، فإن كان بدون غطاء فهو: ضم ذمة الضامن إلى ذمة غيره، فيما يلزم حالاً أو مآلاً، وهذه هي حقيقة ما يعنى في الفقه الإسلامي باسم: (الضمان) أو (الكفالة).
وإن كان خطاب الضمان بغطاء فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مصدره هي (الوكالة) والوكالة تصح بأجر أو بدونه مع بقاء علاقة الكفالة لصالح المستفيد (المكفول له).
2-إن الكفالة هي عقد تبرع يقصد للإرفاق والإحسان، وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة، لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي جر نفعاً على المقرض، وذلك ممنوع شرعاً.
ولذلك قرر المجمع ما يلي:
أولاً: أن خطاب الضمان لا يجوز أخذ الأجر عليه لقاء عملية الضمان (والتي يراعى فيها عادة مبلغ الضمان ومدته)، سواء أكان بغطاء أم بدونه.
ثانياً: أما المصاريف الإدارية لإصدار خطاب الضمان بنوعيه فجائزة شرعاً، مع مراعاة عدم الزيادة على أجر المثل، وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي، يجوز أن يراعى في تقدير المصاريف لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهنة الفعلية لأداء ذلك الغطاء.
والله أعلم.