عنوان الفتوى : قاعدة : البراءة الأصلية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أريد الاستفسار عن قاعدة البراءة الأصلية وأن الأصل في الأشياء الإباحة والحل ما لم يرد من الكتاب والسنة غير ذلك ... والتوسع في هذه القاعدة هل يؤدي إلى أخطاء. وعن ما قاله بعض تلاميذ المذاهب عن الإمام الشوكاني والصنعاني بأن التوسع منهما في هذه القاعدة أدى إلي وقوعهما في أخطاء كثيرة مثل : مسألة طهارة الخمر . أرجو التوضيح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قاعدة (البراءة الأصلية) مُسَلَمة عند الجمهور، ولا حرج في التوسع فيها، وإنما الحرج أو الخطأ إن صح التعبير على من تسرع في تطبيقها قبل البحث والتفتيش عن دليل صارف عنها، ذلك أن العلماء اشترطوا لصحة الاستدلال بها أن لا يكون هناك دليل من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس ينقل المسألة الواردة عن البراءة الأصلية، إذ هي آخر ما يلجأ إليه المفتي، فإذا لم يجد دليلاً غيرها فليحكم بها ولا حرج عليه إن شاء الله.
أما اعتراض البعض على رأي الإمامين المذكورين في طهارة الخمر التي ذكر السائل ونحوها، فلا أرى أن وجه ذلك الاعتراض هو التوسع من الإمامين في القاعدة وحده، لأن ذلك المعترض يقر القاعدة ويرى صحة الاستدلال بها إذا لم يرد صارف عنها، بل ينبغي أن يكون وجه الاعتراض هو وجود أدلة يرى الجمهور أنها تكفي في الحكم بنجاسة الخمر، مما يمنع من تطبيق هذه القاعدة .
وبالجملة فإن استصحاب الأصل قاعدة جليلة لا يستغنى عنها، لكن يجب أن توضع موضعها، فإنه ليس كل نازلة أو مسألة لا يحكم فيها إلا إذا وجد نص من الكتاب أو السنة، بل قد يكون عدم النص هو الدليل، ولهذا قال المحققون من العلماء : لو التزمنا أن لا نحكم بحكم حتى نجد نصاً لتعطلت الشريعة، فإن النصوص فيها قليلة، إذا ما قورنت بالحوادث والنوازل، وإنما هي الظواهر والعمومات والأقيسة، وهذا باب دقيق من أبواب الاجتهاد . والله أعلم.