عنوان الفتوى : ثواب قراءة الأذكار في المسجد أفضل من قراءتها خارجه
هل ينال المسلم أجراً أكبر إن جلس يقرأ الأذكار بعد الصلاة في المسجد؟ أم لا فرق في الأجر بين ذلك وبين قراءتها أثناء المشي في العودة إلى البيت بعد الصلاة؟ وهل الحديث الصحيح كما في رواية مسلم: لا يزالُ العبدُ في صلاةٍ ما كان في مصلَّاهُ ينتظرُ الصلاةَ، وتقولُ الملائكةُ: اللهم اغفر لهُ، اللهم ارحمْهُ، حتى ينصرفَ أو يُحدِثَ قلتُ: ما يحدِثُ؟ قال: يفسو أو يَضْرِطُ ـ يشمل الجلوس بعد الصلاة؟. وجزاكم الله تعالى خيراً.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراءتها في المسجد أفضل، وانظر الفتويين رقم: 240004، ورقم 181731.
والظاهر أن الحديث لا يشمل من جلس يذكر الله ولا ينتظر الصلاة، وإن كان فيه فضل عظيم هو فضل ملازمة المساجد، قال العراقي في طرح التثريب: الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ ـ يَقْتَضِي حُصُولَ الثَّوَابِ الْمَذْكُورِ بِمُجَرَّدِ جُلُوسِهِ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى يَخْرُجَ، لَكِنَّ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ تَقْتَضِي تَقْيِيدَ حُصُولِ الثَّوَابِ بِكَوْنِ جُلُوسُهُ ذَلِكَ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا مَادَامَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، وَهُوَ وَاضِحٌ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَنْ أَشْبَهَهُمْ فِي الْمَعْنَى مِمَّنْ حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى أَفْعَالِ الْبِرِّ كُلِّهَا ـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وقد بوب البخاري على هذا الحديث: باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة.
قال ابن حجر: وهل يحصل ذلك لمن نيته إيقاع الصلاة في المسجد ولو لم يكن فيه؟ الظاهر خلافه، لأنه رتب الثواب المذكور على المجموع من النية وشغل البقعة بالعبادة، لكن للمذكور ثواب يخصه، ولعل هذا هو السر في إيراد المصنف الحديث الذي يليه وفيه: ورجل قلبه معلق في المساجد. انتهى.
وجاء في مرعاة المفاتيح: نعم وقع في رواية لهما: إذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه ـ أي مدة كون الصلاة حابسة له بأن كان جالساً لانتظار الصلاة، أما جلوسه بعد الصلاة لذكر أو اعتكاف مثلاً، فلا يترتب عليه خصوص هذا الثواب وإن كان فيه ثواب عظيم. انتهى.
قال ابن رجب في اختيار الأولى: قال سعيد بن المسيب: من جلس في المسجد فإنما يجالس الله عز وجل، وصحّ عن النبي أنه عدّ من السبعة الذين يظلهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله: رجل قلبه معلّق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود ـ وإنما كان ملازمة المسجد مكفراً للذنوب، لأن فيه مجاهدة للنفس، وكفّاً لها عن أهوائها، فإنها لا تميل إلا إلى الإنتشار في الأرض لابتغاء الكسب أو لمجالسة الناس ومحادثتهم، أو للتنزه في الدور الأنيقة والمساكن الحسنة ومواطن النّزه ونحو ذلك، فمن حبس نفسه في المساجد على الطاعة فهو مرابط لها في سبيل الله، مخالف لهواها، وذلك من أفضل أنواع الصبر والجهاد. انتهى.
والله أعلم.