عنوان الفتوى : أقوال العلماء في عورة المرأة أمام محارمها، والراجح منها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أريد أن أعرف ماهو حكم الجلوس أمام أولاد الزوج من غير حجاب، وبملابس أمثلة النصف كم؟ وجزاكم الله خيرا.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعورة المرأة أمام أبناء زوجها من امرأة أخرى كعورتها أمام سائر محارمها، ولبيان المسألة بجلاء نذكر أقوال الفقهاء فيها ثم الترجيح ووجه الترجيح . وفي المسألة ثلاثة أقوال مرتبة كما يلي : ‏
القول الأول ـ قول المالكية والحنابلة في المذهب:‏ إن عورة المرأة بالنسبة إلى رجل محرم لها هي غير الوجه والرأس واليدين والرجلين، فيحرم عليها كشف ‏صدرها وثدييها ونحو ذلك عنده، ويحرم على محارمها كأبيها رؤية هذه الأعضاء منها وإن كان من غير شهوة ‏وتلذذ.‏ القول الثاني ـ قول الحنفية :‏ إن عورة المرأة بالنسبة لمن هو محرم لها هي ما بين سرتها إلى ركبتها، وكذا ظهرها وبطنها، أي يحل لمن ‏هو محرم لها النظر إلى ما عدا هذه الأعضاء منها عند أمن الفتنة وخلو نظره من الشهوة.‏ القول الثالث ـ الشافعية :‏ يرون جواز نظر الرجل إلى ما عدا ما بين السرة والركبة من محارمه من النساء من نسب أو رضاع أو ‏مصاهرة صحيحة , وللشافعية قول آخر كالقول الأول وهو جواز النظر فقط إلى ما يظهر منها عادة في العمل داخل ‏البيت، أي إلى الرأس والعنق واليد إلى المرفق والرجل إلى الركبة. اهـ بتصرف من الموسوعة الشاملة. وللمزيد ‏في تقرير المذاهب في المسألة تنظر الفتوى رقم : ‏20445 .‏
والراجح من هذه الأقوال هو القول الأول، ويوضح البهوتي في (كشاف القناع عن متن الإقناع) ممزوجين بقوله: (وَ) ‏لِرَجُلٍ أَيْضًا نَظَرُ وَجْهِ وَرَقَبَةِ وَيَدِ وَقَدَمِ وَرَأْسِ وَسَاقِ ‏‏(ذَاتِ مَحَارِمِهِ) قَالَ الْقَاضِي عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يُبَاحُ مَا يَظْهَرُ ‏غَالِبًا كَالرَّأْسِ وَالْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ . وقد سبقت لنا فتوى بترجيح مذهب الحنابلة في هذه المسألة وهي برقم: 599.‏

ووجه ترجيح هذا القول من النقل ِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ ‏بُعُولَتِهِنَّ ‏أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ [النور: 31] الْآيَةَ. والوجه فيه أن المقصود مواضع الزينة لا نفس الزينة لأنها في نفسها ‏مباحة النظر، ومواضع الزينة ما يظهر من المرأة غالبا، ويوضحه تفسير ابن مسعـود للزينة الباطنة حيث قال: الزينـة زينتان : ‏فالظاهـرة منهـا الثياب، وما خفي الخلخالان والقرطـان والسواران. رواه ابن جرير في التفسير والحاكم ‏وصححه على شرط مسلم . ووجه ترجيحه من النظر: مشقة التحرز عن ستر الأطراف مع المحارم، كما قرره ابن قدامة إذ قال : وَلِأَنَّ ‏التَّحَرُّزَ مِنْ هَذَا لَا يُمْكِنُ فأُبِيحَ كَالْوَجْهِ، وَمَا لَا يَظْهَرُ غَالِبًا لَا يُبَاحُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ ‏لَا ‏تَدْعُو إلَى نَظَرِهِ، وَلَا تُؤْمَنُ مَعَهُ ‏الشَّهْوَةُ وَمُوَاقَعَةُ الْمَحْظُورِ، فَحُرِّمَ النَّظَرُ إلَيْهِ كَمَا تَحْتَ السُّرَّةِ ‏‏. ‏انتهى من ( المغني شرح مخصر الخرقي ).‏

وبناء عليه، فلا بأس بارتداء المرأة أمام محارمها الملابس التي تبدي شيئا مما يظهر منها غالبا كبعض ‏الذراعين أو بعض الساقين مما يسمى بـ (ملابس النصف كمّ) على القول الراجح، بشرط أمن الفتنة، فإذا لم تؤمن الفتنة لزم ستر ما تندفع به الفتنة .‏

والله أعلم.