عنوان الفتوى : أثر الجليس الصالح والجليس السوء
ما هو أثر الجليس الصالح والجليس السوء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى خلق الإنسان وجعله ميَّالاً بطبعه إلى مخالطة الآخرين ومجالستهم، وهذه المخالطة لها أثرها الذي لا يُنكر في سلوك الإنسان ومنهجه، والجليس سبب رئيس في سعادة جليسه أو شقائه، دلَّ على ذلك الشرع والعقل والواقع، يقول الله تعالى: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي [الفرقان:27- 29].
وفي الحديث: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبًا، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة. متفق عليه.
فمن جالس الصالحين الأخيار جنى ثمارًا يانعة وخيرات وافرة، أهمها حصول بركة مجالستهم وإن لم يكن عمله بالغًا مبلغ عملهم كما في الحديث: .. وله قد غفرت، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم. رواه الشيخان.
وكذلك التأثر بعلمهم وعملهم وأخلاقهم عن طريق القدوة، فهي أبلغ من المقال، وفي الحديث: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. رواه الترمذي وحسَّنه .
ومنها تبصير جلسائه له بعيوبه وجهات النقص فيه ومواطن العلل عنده، فيعمد إلى معالجتها وإصلاحها، وفي الحديث: المؤمن مرآة المؤمن. رواه أبو داود، وحسَّنه العراقي وابن حجر.
ومنها أن مجالستهم جالبة لمحبة الله كما في الحديث: قال الله تعالى: وجبت محبتي للمتاحبين فيَّ والمتجالسين فيَّ. رواه مالك وصحح إسناده ابن عبد البر والمنذري والنووي.
وفي مقابل ما يستفيده المرء من دينه ودنياه من مجالسة الصالحين، يحصل له أضعاف ذلك من الضرر في دينه ودنياه من مخالطة الفاسدين والزائغين.
والله أعلم.