عنوان الفتوى : السبب في عدم إيراد الطبري في تفسيره لرواية حفص عن عاصم
لماذا لم تكن روايه حفص بن عاصم من مرويات العلامه الطبري في تفسيره ؟ فعلي سبيل المثال وليس الحصر ، الآيه 16 من سوره النازعات ، قد قال عنها الطبري: نزاعه خبر ، فقد قرأها جميع القراء مرفوعة ، ولا تصح أن تقرأ منصوبة ، ولا يوجد قارئ قرأها بالنصب، علما بأنها قراءه حفص عن عاصم ؟
الحمد لله
لم يورد الطبري رحمه الله رواية حفص عن عاصم في تفسيره ، والظاهر أنه لم يكن عنده
سند بها، ولعل ذلك راجع إلى أن رواية شعبة عن عاصم كانت هي المشتهرة في وقت الطبري،
دون رواية حفص.
قال الدكتور مساعد الطيار حفظه الله : " كنت قد طرحت في هذا الملتقى موضوعًا يتعلق
بالقراءات عند ابن جرير ، وخلصت فيه إلى أن ابن جرير لا يردُّ قراءةً متواترةً ،
وعللت ذلك الأمر...
واليوم ظهر لي أن ابن جرير الطبري لم يكن عنده سند بقراءة حفص عن عاصم... ".
ثم ذكر فائدة نفيسة تتعلق بطريقي عاصم ، " وهو أن طريق شعبة هو المقدم عند
المتقدمين ، ولعل هذا يشير إلى عدم ورود سند حفص عند الطبري، وهذه الفائدة نصٌّ
لابن مجاهد في كتاب السبعة ( ص : 71 ) ، قال فيه : " وإلى قراءة عاصم ، صار بعض أهل
الكوفة ، وليست بالغالبة عليهم ؛ لأن أضبط من أخذ عن عاصم أبو بكر بن عياش ـ فيما
يقال ـ لأنه تعلمها منه تعلما خمسا خمسا .
وكان أهل الكوفة لا يأتمون في قراءة عاصم بأحد ممن يثبتونه في القراءة عليه إلا
بأبي بكر بن عياش ، وكان أبو بكر لا يكاد يُمَكِّن من نفسه من أرادها منه ، فقلَّتْ
بالكوفة من أجل ذلك ، وعَزَّ من يحسنها ، وصار الغالب على أهل الكوفة إلى اليوم
قراءة حمزة بن حبيب الزيات " .
وإذا تأملت هذا النصَّ ظهر لك أن قراءة حفص عن عاصم في وقت الطبري (ت : 310) الذي
كان في طبقة شيوخ ابن مجاهد ( ت : 324 ) لم يكن لها قبول كغيرها " .
ثم ذكر حفظه الله أمثلة تدل على أن الطبري لم يكن عنده سند حفص عن عاصم، منها:
" المثال الثاني : قوله تعالى (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ
عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً) (مريم:25).
قال الطبري : (( واختلف القرأة في قراءة قوله : (تساقط):
فقرأ ذلك عامة قرأة المدينة والبصرة والكوفة ( تَسَّاقط ) بالتاء من تساقط وتشديد
السين ، بمعنى تتساقط عليك النخلة رطبا جنيا ، ثم تدغم إحدى التاءين في الأخرى
فتشدد ، وكأن الذين قرؤوا ذلك كذلك وجهوا معنى الكلام إلى: وهزي إليك بجذع النخلة
تسَّاقط النخلة عليك رطبا جنيَا .
وقرأ ذلك بعض قراء الكوفة : ( تَسَاقط ) بالتاء وتخفيف السين ، ووجهوا معنى الكلام
إلى مثل ما وجَّهه إليه مشددوها غير أنهم خالفوهم في القراءة .
وروي عن البراء بن عازب أنه قرأ ذلك : ( يَسَّاقط ) بالياء .
حدثني بذلك أحمد بن يوسف ، قال : ثنا القاسم ، قال : ثنا يزيد ، عن جرير بن حازم ،
عن أبي إسحاق ، قال سمعت البراء بن عازب يقرؤه كذلك .
وكأنه وجه معنى الكلام إلى : وهزي إليك بجذع النخلة يتساقط عليك رطبًا جنيًا .
وروي عن أبي نهيك أنه كان يقرؤه ( تُسقِط ) بضم التاء وإسقاط الألف .
حدثنا بذلك بن حميد قال ثنا يحيى بن واضح قال ثنا عبد المؤمن قال : سمعت أبا نهيك
يقرؤه كذلك . وكأنه وجه معنى الكلام إلى : تسقط النخلة عليك رطبا جنيا .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إن هذه القراءات الثلاث ؛
أعني : تَسَّاقط بالتاء وتشديد السين ، وبالتاء وتخفيف السين وبالياء وتشديد السين
قراءات متقاربات المعاني ، قد قرأ بكل واحدة منهن قراء أهل معرفة بالقرآن ، فبأي
ذلك قرأ القارئ فمصيب الصواب فيه ... " . تفسير الطبري ط : دار هجر (15 : 513 ـ
514).
وهذه القراءات ليس فيها ـ كما ترى ـ قراءة حفص عن عاصم ( تُساقِط ) بضم التاء وكسر
القاف ، ولو كانت عنده لذكرها ، وهو كما رأيت ذكر قراءات شاذة ، والله أعلم .
المثال الثالث : ( وَاضْمُمْ
إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْب) (القصص: 32).
قال الطبري : " واختلفت القراء في قراءة ذلك: فقرأته عامة قراء أهل الحجاز والبصرة
( من الرَّهَبِ ) بفتح الراء والهاء.
وقرأته عامة قراء الكوفة ( من الرُّهْب ) بضم الراء وتسكين الهاء.
والقول في ذلك : أنهما قراءتان متفقتا المعنى ، مشهورتان في قراء الأمصار ،
فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب " تفسير الطبري ط : دار هجر ( 18 246).
ولم يذكر قراءة حفص بفتح الراء وتسكين الهاء ( من الرَّهْبِ ) ، ولو كانت عنده
لذكرها ، والله أعلم " انتهى .
انظر:
http://vb.tafsir.net/tafsir1071/#.V3eko1Knffc
وانظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (43778)
.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري |
---|
السبب في عدم إيراد الطبري في تفسيره لرواية حفص عن عاصم |