عنوان الفتوى : نصائح لإطفاء نار التوتر والغضب
بسم الله الرحمن الرحيم أنا أعاني من سرعة التوتر من مواقف حياتية كثيرة ، سواء في الشارع ، في العمل أو ربما في البيت . كثيرون مثلي ولكني أجد أن هناك من هو أقل تأثراُ أو يوصف بالحليم . أنا أحب هذه الخصلة وأحب أن أتحلى بها وحاولت كثيرا ولم أنجح . سمعت حديث النبي صلى الله عليه وسلم : إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلًم ...كيف أطبق الحديث . أرشدوني وشكرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحلم من أعظم الأخلاق الإيمانية، وإلى ذلك وقعت الإشارة في القرآن الكريم في قوله تعالى في وصف المتقين: (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى: 37].
وقوله: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) [آل عمران: 134].
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب رواه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة رواه مسلم.
ومن الوسائل المعينة لك على التحلي بهذا الخلق:
1/ البعد عن أسباب الغضب: قال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: قلت: يا رسول الله، أوصني، قال: لا تغضب، قال الرجل: ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال، فإذا الغضب يجمع الشر كله. أخرجه الإمام مالك في الموطأ، والإمام أحمد في المسند.
2/ السكوت عند الغضب: إذا غضب أحدكم فليسكت رواه أحمد.
3/ الاستعاذة بالله من الشيطان: فعن سليمان بن صُرَد الصحابي رضي اللّه عنه قال:
كنتُ جالساً مع النبيّ صلى اللّه عليه وسلم ورجلان يَسْتَبَّان، وأحدُهما قد احمرّ وجهُه وانتفختْ أوداجُه، فقال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إني لأعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ ما يَجدُ، لَوْ قالَ: أعُوذُ باللّه مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمِ، ذَهَبَ مِنْهُ ما يَجِدُ" رواه البخاري ومسلم.
3/ تغيير الوضع الذي يكون عليه الإنسان، أخرج الإمام أحمد بإسناد صحيح أن أبا ذر رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإذا ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع. صححه الألباني رحمه الله في مشكاة المصابيح.
4/ مجاهدة النفس على التحلم: قال صلى الله عليه وسلم: إنما الحلم بالتحلم. رواه الطبراني في الأوسط، والبيهقي في شعب الإيمان.
فلا يمكن الاتصاف بهذا الخلق دون مجاهدة، وقد قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
5/ التأمل في حلم الله على عباده، وكم في القرآن من وصف الله تعالى لنفسه بالحليم الغفور.
6/ تعويد النفس على الصبر، قال تعالى: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ) [الفرقان:20].
7/ تعويد النفس على العفو، قال تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) [الشورى:40].
وقال أيضاً: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النور:22].
8/ التأمل في حسن الجزاء: قال صلى الله عليه وسلم: من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور العين يزوجه منها ما شاء. رواه أحمد.
9/ الإكثار من ذكر الله، فإنه يقضي على التوتر النفسي، ويكسب المسلم أريحية معروفة، قال تعالى: (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد:28].
10/ اللجوء إلى المرح عند الغضب، فحين يحتدم النقاش ويطول الجدال، فإن ابتسامة لبقة لها تأثيرها في تلطيف الجو المشحون.
عن النعمان بن بشير قال: استأذن أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمع صوت عائشة عالياً، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما دخل أبو بكر قال لعائشة: لا أسمعك ترفعين صوتك على رسول الله، ورفع يده ليلطمها، فحجزه رسول الله، وخرج أبو بكر مغضباً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف رأيتني أنقذتك من الرجل!!. أخرجه أبو داود بإسناد حسن.
إن هذه الدعابة المرحة من الرسول صلى الله عليه وسلم لزوجته في هذا الموقف المتأزم تدفع الغضب، وتحل محله الحلم.
والله أعلم.