عنوان الفتوى : مدى صواب من قال لنصراني: ربما يدخلك الله الجنة، وربما يدخلك النار
تذكرت حين كنت غير ضليع بدين الإسلام، أني أحببت أن أهدي نصرانيا لدين الحق، فقلت له: لم لا تسلم؟ فرد علي وقال: ولم أسلم؟ فذكرت له أدلة على أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث، ورسالته هي رسالة الحق. فقال لي: أنا لا أكذبك، قد يكون كلامك منطقيا، ولكن من المستحيل أن أغير دين أهلي، وعشيرتي وأنا لا أعتقد أنني إن أحسنت العمل بين الناس أن الله سيدخلني النار. فردد عليه وقلت له: أنا لا أضمن نفسي هل هي في النار أو في الجنة، ولا أملك النار أو الجنة حتى أقول أين سأكون أو أين ستكون أنت. والله أعلم، ربما يدخلك الله الجنة، وربما يدخلك النار. ولكن إن أسلمت ودخلت النار سيشفع لك محمد صلى الله عليه وسلم وتدخل الجنة. فرد يعني هناك خيار وفقوس. ويقصد أن في الآخرة واسطة. ما حصل هو ما كتبته. المهم يا فضيلة الشيخ أنا خفت أن أكون أطمئن الرجل بغير قصد، وزرعت فيه الأمل أنه قد يدخل الجنة، وبقي على كفره. لكن حين قلت ما قلت قلته لأني كنت جاهلا، وحين سمعت نارا وجنة خشيت أن أقول له أنت في النار فأكون قد أخطأت؛ لأنه لا حق لي أن أحكم عليه. والآن علمت أن غير المسلمين ممن سمعوا برسول الله ولم يسلموا في النار حتى عم الرسول أبو طالب (فهل أنا آثم أم لا) لأن نيتي كانت خيرا والمشكلة أني لا أعرف أين هذا الشخص لكي أصحح كلامي له؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر لك حرصك على هداية الخلق إلى الحق، وهذا باب عظيم من أبواب القربات؛ قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت:33}. وروى أبو داود والترمذي واللفظ لأبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دل على خير فله مثل أجر فاعله. ولا يخفى أن من أهم زاد الداعية العلم النافع الذي يستطيع به بيان الحق ورد الشبهات؛ ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 29347.
وقولك لهذا الرجل: " أنا لا أضمن نفسي في النار أو في الجنة، ولا أملك النار أو الجنة حتى أقول أين سأكون أو أين ستكون..... " يحتمل معنى صحيحا، وهو أنه قد يهديه الله إلى الإسلام ويدخل الجنة، فهو بهذا المعنى لا غبار عليه. وأما إن كنت تقصد أن الله يدخله الجنة وإن مات على النصرانية، فهو قول باطل. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 4625.
وعلى كل تقدير؛ فما دمت قد كنت جاهلا في ذلك الوقت، وكان لك قصد طيب، فنرجو أن لا حرج عليك إن شاء الله. ولو قدر لك لقاؤه، فبين له الصواب، وأن دين الإسلام قد نسخ جميع الأديان، وأنه لا يقبل من أحد غير دين الإسلام، وليكن ذلك بأسلوب طيب وبحكمة.
والله أعلم.