عنوان الفتوى : توضيح كلام الألباني في تخطئة أم المؤمنين عائشة
اللهم ثبتنا على الصراط المستقيم، طريق السلف الصالح، والصحابة رضوان الله عليهم. كنت أسمع من الروافض ما هو بدعة، وشبهات عن الصحابة، والغلو في آل البيت، ولكن لدي بعض العلم للرد على شبهاتهم، وأشاهد بعض المناظرات، ولكن سمعتهم يقولون إن الألباني يقر بأن عائشة -رضي الله عنهما- خرجت على علي رضي الله عنه. فهل الألباني يقر بذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل من قال ذلك يعني كلام الشيخ الألباني عند تخريج حديث: أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب. فقد صحح الشيخ هذا الحديث، كما صححه من قبله الأئمة: ابن حبان والحاكم وابن كثير والذهبي وابن حجر.
وناقش الشيخ كلام من ضعف الحديث، لما فيه من منقصة لأم المؤمنين عائشة لا تليق بمقامها ! ثم قال بعد ذلك: وجملة القول أن الحديث صحيح الإسناد، ولا إشكال في متنه .. فإن غاية ما فيه أن عائشة -رضي الله عنها- لما علمت بالحوأب كان عليها أن ترجع، والحديث يدل أنها لم ترجع! وهذا مما لا يليق أن ينسب لأم المؤمنين. وجوابنا على ذلك أنه ليس كل ما يقع من الكمَّل يكون لائقا بهم، إذ لا عصمة إلا لله وحده. والسني لا ينبغي له أن يغالي فيمن يحترمه حتى يرفعه إلى مصاف الأئمة الشيعة المعصومين! ولا نشك أن خروج أم المؤمنين كان خطأ من أصله، ولذلك همت بالرجوع حين علمت بتحقق نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم عند الحوأب، ولكن الزبير -رضي الله عنه -أقنعها بترك الرجوع بقوله: "عسى الله أن يصلح بك بين الناس". ولا نشك أنه كان مخطئا في ذلك أيضا. والعقل يقطع بأنه لا مناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللتين وقع فيهما مئات القتلى. ولا شك أن عائشة -رضي الله عنها- المخطئة لأسباب كثيرة، وأدلة واضحة، ومنها ندمها على خروجها، وذلك هو اللائق بفضلها وكمالها، وذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور بل المأجور. قال الإمام الزيلعي في " نصب الراية " (4 / 69 - 70) : " وقد أظهرت عائشة الندم، كما أخرجه ابن عبد البر في " كتاب الاستيعاب " عن ابن أبي عتيق، وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: قالت عائشة لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلا غلب عليك - يعني ابن الزبير - فقالت: أما والله لو نهيتني ما خرجت. انتهى ". ... على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة بن عبد الله، والزبير بن العوام وجماعة من الكبار رضي الله عن الجميع. اهـ. السلسلة الصحيحة.
وبهذا يتضح أن الألباني كغيره من أهل العلم يقرون بخروج السيدة عائشة إلى العراق وموقعة الجمل. ولكن دون تجريح لها -رضي الله عنها- بل على عادة أهل السنة، أنهم يدورون مع الصحابة الكرام، ولاسيما الكبار منهم، بين الأجر والأجرين، فكلهم مجتهد، فمن أصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد. هذا مع الثناء عليهم، وحسن الظن بمقاصدهم.
وقد سبق أن أشرنا مرارا إلى أن خروج طلحة والزبير وعائشة ـ رضي الله عنهم ـ إلى البصرة لم يكن لمقاتلة عليٍّ ـ رضي الله عنه ـ أو النكوث عن بيعته، وإنما للإصلاح ومعاقبة المفسدين الذين قتلوا عثمان.
وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 3227، 50700، 10605.
والله أعلم.