عنوان الفتوى : دعاء المسلم يستجاب بمطلوبه أو بغيره
هل دعاء المرء لصلاح دينه يتحقق مؤكدا في الدنيا ، إن صدق في دعائه ، كأن يسأل الله اليقين . وهل دعاؤه لصلاح آخرته يتحقق مؤكدا ، إن صدق في دعائه ، كأن يسأل الله الفردوس ؟
الحمد لله.
المسلم وظيفته أن يتعبد الله عز وجل بالدعاء وهو موقن بالإجابة ، مع إحسان الظن بالله سبحانه وتعالى ، والأخذ بأسباب الإجابة ، ثم يتوكل عليه عز وجل ، ويكل أمر جوابه إلى رحمته ولطفه وحكمته ، فهو جل وعلا أعلم بما يصلح العبد في الدنيا ، وينجيه في الآخرة ، المهم أن لا ييأس ولو طال الصبر والانتظار ، وأن لا يعجل فيقول : دعوت فلم يُستجب لي ، فالدعاء نفسه عبادة خاصة لله ، مقصودة بالذات ، وليست مقصودة للإجابة فحسب .
وقد ثبت عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا . قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ . قَالَ : اللهُ أَكْثَرُ ) .
رواه أحمد في " المسند " (17/ 213) ، وحسنه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة ، وجوَّد إسناده المنذري في " الترغيب والترهيب "، وصححه الألباني في " صحيح الأدب المفرد " (547) .
وقد بوب عليه الإمام النووي رحمه الله في كتابه " الأذكار " (ص401) بقوله :
" بابُ الدليل على أنَّ دعاء المسلم يُجاب بمطلوبه أو غيره " انتهى .
فالمطلوب المعين – سواء كان من صلاح الدين أو صلاح الآخرة أو صلاح الدنيا – قد لا يتحقق في نفسه ، وإنما يحقق الله له بديله ، في الدنيا أو في الآخرة ، أو يصرف عنه في الدنيا من السوء بقدره .
يقول ابن عبد البر رحمه الله على الحديث المتقدم :
" فيه دليل على أنه لا بد من الإجابة على إحدى هذه الأوجه الثلاثة ، فعلى هذا يكون تأويل قول الله عز وجل - والله أعلم : ( فيكشف ما تدعون إليه إن شاء ) أنه يشاء ، وأنه لا مكره له ، ويكون قوله عز وجل : ( أجيب دعوة الداع إذا دعان ) على ظاهره وعمومه ، بتأويل حديث أبي سعيد المذكور ، والله أعلم بما أراد بقوله ، وبما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والدعاء خير كله ، وعبادة ، وحسن عمل ، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا ، وقد روي عن أبي هريرة أنه كان يقول : ما أخاف أن أحرم الإجابة ، ولكني أخاف أن أحرم الدعاء .
وهذا عندي على أنه حمل آية الإجابة على العموم والوعد ، والله لا يخلف الميعاد " .
انتهى من " التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " (10/ 297-299) .
ويقول ابن حجر رحمه الله :
" كل داع يستجاب له ، لكن تتنوع الإجابة ، فتارة تقع بعين ما دعا به ، وتارة بعوضه . وقد ورد في ذلك حديث صحيح ، أخرجه الترمذي والحاكم من حديث عبادة بن الصامت رفعه : ( ما على الأرض مسلم يدعو بدعوة إلا آتاه الله إياها ، أو صرف عنه من السوء مثلها ) ولأحمد من حديث أبي هريرة : ( إما أن يعجلها له ، وإما أن يدخرها له ) " .
انتهى من " فتح الباري " (11/95) .
ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله :
" الإلحاح ، وحسن الظن بالله ، وعدم اليأس ، من أعظم أسباب الإجابة . فعلى المرء أن يلح في الدعاء ، ويحسن الظن بالله عز وجل ، ويعلم أنه حكيم عليم ، قد يعجل الإجابة لحكمة ، وقد يؤخرها لحكمة ، وقد يعطي السائل خيرا مما سأل " .
انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (26/ 122) .
ويقول الشيخ البراك حفظه الله :
" إجابة الدعاء أعم من قضاء الحاجة ، فلا يلزم من عدم حصول المطلوب أن الله لم يجب دعاءك ، فتقول : إن الله لم يستجب لي ! وما يدريك ؟ لعل الله أعطاك إحدى هذه الثلاث ، ومن أجل ذلك قلتُ : إن قوله : ( ويقضي الحاجات ) أخصُ من قوله : ( والله تعالى يجيب الدعوات ) " انتهى من " شرح العقيدة الطحاوية " (ص: 348) .
وهذا يعني أن تدعو وأنت موقن بالإجابة ، سواء شهدتها في دنياك ، أو تأخرت عنك في أخراك، فكرم الله عز وجل متحقق لكل من حقق أسباب الإجابة .
وفي موقعنا العديد من الإجابات التي يمكن الاستفادة منها حول هذا الموضوع ، ينظر : (212629) ، (135085) .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري |
---|
دعاء المسلم يستجاب بمطلوبه أو بغيره |
دعاء المسلم يستجاب بمطلوبه أو بغيره |