عنوان الفتوى : هل يجوز أن تتمنى الموت خشية تردي حالتها الإيمانية ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كنت فتاه ملتزمة طالبة للعلم ، لكن ابتعدت عن الرفقه الصالحة بغير إرادتي ، وتوفر لدي وسائل الإهمال في طلب العلم كضعف الإيمان ، وتأخر زواجي ، فتهاونت في مشاهدة بعض الأفلام الأجنبية ، والأمر في تزايد ، وقد أصبت في وقت مضى بمرض نفسي وقد شفيت تقريباً ، لكن وضعي الراهن يقلقني فأنا أتسلى بما أشاهد ، فلا مسؤولية زوج أو أولاد ولا دراسة فقد أنهيتها ولا مجال للعمل في مكان سكني ، الحقيقة أتمنى الموت القريب ووالله ليس هروباً من القدر ولكن خوفاً أن يزداد تهاوني فأصل إلى الموت وقد حدت عن طريق الجنة ، أرشدني يا شيخ بارك الله فيك .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

إذا كنتِ قد ابتعدتِ عن الرفقة الصالحة بغير إرادتكِ فإن لك الإرادة الكاملة فيما أعقب ذلك من الإهمال في طلب العلم ، والتهاون في النظر والسماع المحرَّم ، وقد يكون ما حصل بعد ذلك معكِ إنما هو بسبب آثار تلك الذنوب والمعاصي ، وقد ذكرنا بعض هذه الآثار في جوابنا على السؤال رقم ( 23425 ) فنرجو منك الاطلاع عليه .

ويوجد مثلك الكثيرات ممن تأخر زواجهن لكنهن لم يفعلن فعلكِ هذا ، بل كان الوقت مناسباً لهن للانشغال بحفظ القرآن وطلب العلم والدعوة إلى الله عز وجل ، وهذا الطريق هو الذي يشرح الله تعالى به الصدور ويجعل القلب به مطمئناً ، وهو الطريق الذي ييسر الله تعالى فيه أمور الدنيا لصاحبه .

وتمنيك الموت خشية من زيادة التهاون والمعاصي خطأ عظيم ، بل ينبغي لك أن لا تتمني الموت إلا على حال أحسن مما أنت عليه الآن ، والأمر بيدكِ وتستطيعين تدارك نفسكِ والرجوع إلى ما كنتِ عليه وأحسن منه إن شاء الله ، لكن يحتاج الأمر منكِ إلى وقفة صادقة مع نفسكِ ، والمسارعة إلى الرجوع إلى الطريق التي يحبها الله تعالى منكِ ويرضاها .

وليس كل من تمنى الموت أدركه ، لذا نخشى أن يزداد أمرك سوءً وأن تزداد حالكِ ترديّاً ، وهو ما يُفرح الشيطان ويغضب الرحمن ، فعليك العلم بذلك ، وأن تمنيك للموت ليس هو الحل للخروج مما أنت فيه ، بل الحل هو التوبة الصادقة والعمل على مرضاة الله ، وتعويض ما فات من عمرك في مرضاة الله تعالى .

ولعلكِ تعلمين أن ما أصابكِ وقدَّره الله عليك قد يكون خيراً لكِ لو أنكِ رجعتِ إلى الله تعالى ، وذلك أنك ستندمين على ما فات وتزيدين من طاعتك وعبادتك ، وما كُتب عليك من السيئات سيبدله الله تعالى حسنات ، وهذا من فضل الله تعالى على عباده .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

فمن ظن أن صاحب الذنوب مع التوبة النصوح يكون ناقصاً : فهو غالط غلطاً عظيماً ؛ فإن الذم والعقاب الذي يلحق أهل الذنوب لا يلحق التائب منه شيء أصلا ، لكن إن قدَّم التوبة : لم يلحقه شيء ، وإن أخر التوبة : فقد يلحقه ما بين الذنوب والتوبة من الذم والعقاب ما يناسب حاله .

" مجموع الفتاوى " ( 10 / 309 ) .

وقال – رحمه الله - :

لكن قد يفعل الإنسانُ المحرَّمَ ثم يتوب ، وتكون مصلحته أنه يتوب منه ، ويحصل له بالتوبة خشوع ورقة وإنابة إلى الله تعالى ، فإن الذنوب قد يكون فيها مصلحة مع التوبة منها ؛ فإن الإنسان قد يحصل له بعدم الذنوب كِبر وعُجب وقَسوة ، فإذا وقع في ذنب أذله ذلك وكسر قلبه وليَّن قلبَه بما يحصل له من التوبة .

" مجموع الفتاوى " ( 14 / 474 ) .

وانظري جواب السؤال رقم ( 21677 ) ففيه بيان علاج القلق والاكتئاب .

والله الهادي .