عنوان الفتوى : هل يجوز كتابة أسماء سور القرآن الكريم باللغة الأجنبية ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يجوز كتابة أسماء سور القرآن الكريم باللغة الأجنبية ؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق


الحمد لله
اختلف العلماء في أسماء سور القرآن : هل كلها توقيفية ، أم أن بعضها توقيفي وبعضها من اجتهادات الصحابة رضي الله عنهم ؟ على قولين ، وأكثر العلماء على أن أسماء سور القرآن كلها توقيفية .
راجع جواب السؤال رقم : (131664) .

ثانيا :
ترجمة القرآن : هي في حقيقتها ترجمة لمعانيه ، وتفسير له ، لكن بلغة أخرى سوى العربية ؛ فليس للترجمة نفس أحكام القرآن : من حيث وجوب الطهارة لمس الكتاب الذي كتبت فيه ، أو صحة الصلاة بها ، ونحو ذلك من الأحكام ، بل حكمها حكم كتب تفسير القرآن .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَالْقُرْآنُ يَجُوزُ تَرْجَمَةُ مَعَانِيهِ لِمَنْ لَا يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
وجَوَّزَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُقْرَأُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ قِرَاءَتِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ ، وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَهُ مُطْلَقًا .
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مَنَعُوا أَنْ يُقْرَأَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يُتَرْجَمَ لِلتَّفَهُّمِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ ، كَمَا يَجُوزُ تَفْسِيرُهُ وَبَيَانُ مَعَانِيهِ ، وَإِنْ كَانَ التَّفْسِيرُ لَيْسَ قُرْآنًا مَتْلُوًّا ؛ وَكَذَلِكَ التَّرْجَمَةُ " .
انتهى من "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" (2/56) .

وأما الترجمة اللفظية للقرآن الكريم ، بحيث يحيط المترجم بمقاصد القرآن ، ويوفي حق لفظه ومعناه : فهي ممتنعة أصلا .
قال الزركشي رحمه الله :
" لَا يَجُوزُ تَرْجَمَةُ الْقُرْآنِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَغَيْرِهَا بَلْ يَجِبُ قِرَاءَتُهُ عَلَى هَيْئَتِهِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْإِعْجَازُ لِتَقْصِيرِ التَّرْجَمَةِ عَنْهُ ، وَلِتَقْصِيرِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَلْسُنِ عَنْ الْبَيَانِ الَّذِي خُصَّ بِهِ دُونَ سَائِرِ الْأَلْسِنَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [الشعراء: 195] . هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَحَدًّى بِنَظْمِهِ وَأُسْلُوبِهِ، وَإِذَا لَمْ تَجُزْ قِرَاءَتُهُ بِالتَّفْسِيرِ الْعَرَبِيِّ الْمُتَحَدَّى بِنَظْمِهِ ، فَأَحْرَى أَنْ لَا تَجُوزَ بِالتَّرْجَمَةِ بِلِسَانِ غَيْرِهِ.
وَمِنْ هَاهُنَا قَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ ": عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ بِالْقُرْآنِ بِالْفَارِسِيَّةِ. قِيلَ لَهُ: فَإِذَنْ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُفَسِّرَ الْقُرْآنَ ؟
قَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ ، لِأَنَّ هُنَا يَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ بِبَعْضِ مُرَادِ اللَّهِ وَيَعْجَزُ عَنْ الْبَعْضِ أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ مُرَادِ اللَّهِ " .
انتهى من "البحر المحيط في أصول الفقه" (2/185-186) ، وينظر: "الموافقات" للشاطبي (2/105-108) ، "فتاوى شيخ الإسلام" (22/477) .
وينظر أيضا : جواب السؤال رقم : (1690) ، (10694) .

ثالثا :
أسماء سور القرآن : ليس هي القرآن ، ولا هي نفس السورة التي سميت بها ، وليست الأسماء في حد ذاتها من القرآن ، ولذلك فلا مانع من ترجمة الاسم بغير العربية ، خاصة مع الحاجة إلى ذلك في تفهيم غير العرب ، أو تعريفهم .

وغاية ما يقال في ذلك : أن أسماء القرآن توقيفية ، أو أن أسماء القرآن من القرآن ، وهذا - إذا سلمنا به - فإنه لا يمنع من ترجمة اسم السورة ، كما أن ترجمة السورة نفسها غير ممنوع ، مع الأخذ في الاعتبار ما سبق ذكره : من أن الترجمة في الحقيقة إنما هي لمعانيه ، وأما القرآن الذي هو كلام الله ، فلا يغير عن لسانه العربي الذي نزل به ، ومتى غُير عن لسانه ، لم يصبح هو القرآن الذي وصفه الله تعالى بأنه : (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) الشعراء/195 .
والله أعلم .