عنوان الفتوى : جواز المتاجرة بالفوركس مع اجتناب المحاذير المذكورة
أنا شاب وقعت في دين كبير قدرا من الله وتعذرت كل الطرق المادية أمامي لسداد الدين بالسرعة التي يطلبها الدائنون مما أثر على حياتي وعلاقتي بالناس خاصة أن بعض الدائنين هم من أقاربي, ثم إنني سمعت عن نظام التعامل بالهامش ـ الفوريكس ـ من صديق يعمل بإحدى هذه الشركات وأوضح لي أن هناك شركات تتعامل بالنظام الإسلامي ومن ضمنها شركته واطلعت على الفتوى رقم: 179107، فوجدت كلامه مطابقا تقريبا باستثناء موضوع عدم اشتراط السمسار التعامل من خلاله، حيث إنني لم أتأكد منها, وبعد أن ارتاح قلبي نوعا ما لها طلبت من صديقي أن يعلمني إياها، وبالفعل أرشدني إلى طريقة تقوم على الحذر وتقلل خطر الخسارة وتكتفي بالربح القليل وقد وجدت في هذه التجارة بابا لسداد ديوني خاصة أنني توجهت إليها بعد دعاء شديد لله عز وجل أن يؤدي عني هذه الديون، والأسئلة هي: 1ـ هل يجوز التعامل بها على هذا الوجه وضمن هذه الظروف؟. 2ـ يقوم ربح شركة الوساطة على فرق العملة عند البيع أو الشراء، وهناك عدة شركات، وفيما يخص موضوع اشتراط التعامل فهناك عدة شركات يمكن أن تفتح حسابا في أي منها، وهي تتنافس في تقديم أقل فرق ـ مثل محلات الصرافة؟. 3ـ فيما يتعلق بالتقابض: الذي رأيته أن المعاملة تتم على البرنامج بنفس الثانية ثم إذا شئت سحب النقود فإنك تحتاج 24 ساعة حتى يتم التحويل إلى حسابك وهي نفس المدة التي تلزم الإيداع، لأن معظم حسابات هذه الشركات هي في دول مثل قبرص وتركيا؟. 4ـ وجدت حسابات الشركة التي أنوي التعامل معها في بنوك ربوية في قبرص وعندما سألت صديقي الذي أثق به قال لي إنهم لا يأخذون الربا وإنما هم مضطرون للفتح في مصارف كهذا، لأنها من أساس العمل، ثم إن البنوك التي تسمح لهم بفتح حسابات عندها قليلة وقد زكى لي صاحب الشركة وابتعاده عن الربا، والظاهر من كلامه أنهم يتخلصون من الفائدة ولا تختلط بأموالهم, فهل لهذا أثر علي أو على حسابي عندهم؟ أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن ييسر أمرك ويذهب همك وغمك ويقضي دينك، ونوصيك بأن تكثر من التوبة والاستغفار، قال صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل همٍّ فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود.
وأن تكثر كذلك من الدعاء، ولا سيما ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يُقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أُمامة؛ ما لي أرَاك جالِسًا في المسجد في غير وقت صلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أُعلمك كلامًا إذا قلته أذهب الله همَّك وقضى عنك دينك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلتُ ذلك، فأذهب الله تعالى همي، وقضى عني ديني.
وأما ما سألت عنه: فلا حرج عليك في التعامل به وفق ما ذكرت لكن مع اجتناب ما يسمى بالهامش والرافعة المالية بحيث تتم المتاجرة في رصيدك فقط، فقد بينا في فتاوى سابقة أن المتاجرة فيما يعرف بنظام الفوركس تكتنفه محاذير شرعية، وعلى رأس هذه المحاذير ما يسمى بنظام المارجن، والذي هو في حقيقته قرض جر نفعاً، ومن المحاذير كذلك ما يعرف بتبييت الصفقة، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 7770.
لكن إذا استطاع المضارب أن يتجنب هذه المحذورات وغيرها وخاصة عند تعامله بالعملات والذهب والفضة مما يجري فيه الربا، كما بينا في الفتوى رقم: 3702، فلا حرج.
وأما مسألة كون شركة الوساطة تودع أموالها في بنوك ربوية للحاجة إلى ذلك مع تخلصها من الفوائد الربوية لو حصلت: فلا حرج عليها في ذلك.
والله أعلم.