عنوان الفتوى : مَنْ من العلماء رخص في حلق اللحية ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل هناك من العلماء من رخص في حلق اللحية إلى ما دون حلق الجذور اي اصول الشعر؟

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

الحمد لله.

أما العلماء المتقدمون فلا يعرف منهم من نص على  جواز الأخذ من اللحية حتى تكون أقل من قبضة اليد  .

ففي " فتح القدير " لابن الهمام الحنفي رحمه الله تعالى  ( 2 / 352 ) :

" وأما الأخذ منها وهي دون ذلك – أي أقل من قبضة اليد –كما يفعله بعض المغاربة ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد " انتهى .

وقد ذهب بعض العلماء المتأخرين إلى القول بكراهة حلقها .

جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 35 / 225 – 226 ) :

" ذهب جمهور الفقهاء : الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ، وهو قول عند الشّافعيّة ، إلى أنّه يحرم حلق اللّحية لأنّه مناقض للأمر النّبويّ بإعفائها وتوفيرها ... والأصحّ عند الشّافعيّة: أنّ حلق اللحية مكروه " انتهى .

لكن ينبغي هنا أن نعلم أن الأمر النبوي جاء واضحا بإعفاء اللحية .

فعنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ‏( خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ ، وَفِّرُوا اللِّحَى  وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ ‏)‏ رواه البخاري ( 5892 ) ومسلم ( 259 ) .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (‏ جُزُّوا الشَّوَارِبَ وَأَرْخُوا اللِّحَى ، خَالِفُوا الْمَجُوسَ ‏)‏ رواه مسلم ( 260 ) ‏.‏

والمؤمن يبادر إلى امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يبحث عن مخرج وحيلة للتخلص من هذه التكاليف ؛ فلم يكن من هدي الصحابة رضوان الله عليهم أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم أمرا هل هذا للندب أو للوجوب ؟ وهل يمكننا مخالفة هذا الأمر ؟

ولا ينبغي لمن درس الفقه وعلم الفرق بين الواجب والمستحب أن يكون غاية أمره وكل ما استفاده من دراسته أن يعلم أن المستحب يجوز تركه ولا يأثم تاركه .

والمسارعة إلى امتثال ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم هو طريق النجاة .

قال الله تعالى : (  وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ، وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ، وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ) النساء (  66 - 68 ) .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :

"  ... رتب ما يحصل لهم على فعل ما يوعظون به ، وهو أربعة أمور:

 أحدها : الخيرية في قوله: ( لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ ) أي: لكانوا من الأخيار المتصفين بأوصافهم ، من أفعال الخير التي أمروا بها ، أي: وانتفى عنهم بذلك صفة الأشرار ، لأن ثبوت الشيء يستلزم نفي ضده .

 الثاني : حصول التثبيت والثبات وزيادته ، فإن الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان ، الذي هو القيام بما وعظوا به ، فيثبتهم في الحياة الدنيا عند ورود الفتن في الأوامر والنواهي والمصائب ، فيحصل لهم ثبات يوفقون لفعل الأوامر وترك الزواجر التي تقتضي النفس فعلها ، وعند حلول المصائب التي يكرهها العبد . فيوفق للتثبيت بالتوفيق للصبر أو للرضا أو للشكر .

فينزل عليه معونة من الله للقيام بذلك ، ويحصل له الثبات على الدين ، عند الموت وفي القبر .

 وأيضا فإن العبد القائم بما أمر به ، لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها ويشتاق إليها وإلى أمثالها ، فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات .

الثالث: قوله: (  وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا  ) أي: في العاجل والآجل الذي يكون للروح والقلب والبدن ، ومن النعيم المقيم مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر  .

 الرابع: الهداية إلى صراط مستقيم ، وهذا عموم بعد خصوص ، لشرف الهداية إلى الصراط المستقيم ، من كونها متضمنة للعلم بالحق ، ومحبته وإيثاره والعمل به ، وتوقف السعادة والفلاح على ذلك ، فمن هُدِيَ إلى صراط مستقيم ، فقد وُفِّقَ لكل خير واندفع عنه كل شر وضير " ا.ه. " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " ( ص 200 ) .

والعلماء عندما يبحثون في أمر ما هل هو للوجوب أو للندب ؟ لا يقصدون بذلك تزهيد الناس في ذلك الأمر وتصغيره في أعينهم ، وإنما القصد من البحث معرفة ما يترتب على تركه لو افترضنا أن إنسانا لم يطع ذلك الأمر .

والواجب على المسلم أن يكون مخلصا في بحثه عن الحق ـ فيسأل عن الحق ليتبعه ويعمل به ، ولا يكون بحثه عن الرخص وعمن قال بها من العلماء ليتبعه عليها .

راجع الفتوى رقم (100909 ) ورقم (1189 ) .

والله أعلم .