عنوان الفتوى : ما حكم بذل الفتاة المال لترغيب الشباب بالزواج منها ؟
تعمد بعض النساء الثريات أو ذوات القدرة المالية إلى الإعلان عن مبلغ مالي لمن يتقدم للزواج منها ، ثم تختار هي من ترغبه !. فما هي النظرة الشرعية لهذا الموضوع ؟
الحمد لله
الأصل في الزواج أن الرجل هو الذي يطلب المرأة ويبذل لها المال ، إما على سبيل
المهر أو الهدية إظهاراً للرغبة فيها ، واستمالةً لقلبها ، وتطييباً لنفسها.
وهذا هو الذي يتفق مع الفطرة والطبيعة البشرية ، فالمرأة مطلوبة وليست طالبة ، وهو
المناسب لحياء المرأة وفطرتها ، فمن حقها أن تكون في موطن الرعاية والعناية ، وأن
تكون كرامتها مصونة ، وبعيدة عن كل ما يهدرها أو يبتذلها.
أما أن تعرِض المرأة نفسها على الناس ، خاصتهم وعامتهم عبر وسائل الإعلام ، باذلةً
نفسها ومالها ليرضى بها أي رجل زوجةً : فلا شك أن مثل هذا مما تنفر منه النفوس ،
وتأباه الفطرة السليمة المستقيمة ، ويأباه كل مسلم غيور على نسائه ، وبالأحرى تأباه
المسلمة لنفسها .
وإذا كانت المرأة تعطي المال ، فماذا بقي على الرجل ؟؟
كيف ستكون له القوامة على المرأة وهي التي دفعت وبذلت المال ؟!
واللهُ تعالى جعل إنفاق المال من الزوج من أسباب قوامة الرجل على المرأة ، فقال
سبحانه وتعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ
بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء/ 34.
وهذه الطريقة لن تجلب للمرأة الزوج الصالح ، بل ستكون فرصة لأصحاب النفوس الضعيفة
لاستغلالها واتخاذها مطية سهلةً للثراء ، فما يدريها لعله يأتيها من يظهر لها في
صورة الديّن ذي الخلق الكريم والأصل الحسيب ، وهو في الحقيقة طامع فيها وفيما بذلته
من مال .
ومع ذلك لا بد من التنبيه على أمور :
1- عرض المرأة نفسها على الرجل لا حرج فيه شرعاً ، إذا كان الرجل صالحاً يقدِّر
المرأة ويعرف لها حقها .
فقد عرض الرجل الصالح ابنته على موسى عليه السلام ، وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة
على أبي بكر وعثمان ، وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن
الحَسن عرض الرجل وليته ، والمرأة نفسها على الرجل الصالح اقتداء بالسلف الصالح .
2- إذا وجدت المرأة شاباً صالحاً وغير قادر على تكاليف الزواج ، فدفعت له شيئاً من
المال على سبيل المساعدة والمعاونة فهذا مما لا حرج فيه ، بل هو أمر تُشكر عليه ،
ويدل على دينٍ متين ، وعقل راجح ، ومروءة بالغة .
خاصة إذا ابتليت المرأة بالعنوسة أو بعض الأمور التي تعرقل زواجها وخافت على نفسها
الحرام ، وعلمت بشاب صالح يمكنه أن يتزوجها ولا يمنعه من ذلك إلا قلة المال ، فقدمت
له من مالها ما يجمع بينهما في الحلال .
شريطة أن لا يصل الأمر لدرجة " الابتذال " بإعلانه في وسائل الإعلام ليتجمهر الخطاب
على بابها ثم تنتقي منهم من يلائمها ويتناسب معها .
والأولى بوليها إن كان ذا مال أن يفعل ذلك ، ولا غضاضة عليه في بذل بعض المال للرجل
الصالح للزواج من ابنته .
3- ليس للمرأة أن تغري رجلاً متزوجاً بالمال ليطلق زوجته ويتزوج بها ، لقوله صلى
الله عليه وسلم : ( لَا تَسْأَلْ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا ) رواه البخاري
(6601) ، ومسلم (1413).
4- دفع الرجل مهرا للمرأة واجب شرعي على الرجل لا يسقط عنه في حال من الأحوال كما ،
قال تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ
عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) سورة النساء/4 ، فلا
يجوز أن يتم عقد النكاح وقد تم الاتفاق على إسقاط المهر من على الرجل ، بل المرأة
هي التي تدفع له المهر .
والأمر المذكور في السؤال لا يعدو بحمد الله أن يكون حالات نادرة وقعت هنا وهناك ،
لعل وراءها بعض الظروف الخاصة التي دفعت لها ، ولا يشكل ظاهرة اجتماعية يخشى منها .
وليست المشكلة في عرض المرأة المال على الرجل للزواج ، بل في إهدار كرامتها في سبيل
ذلك ، فتعلن عن نفسها ومالها في الصحف كأنها سلعة رخيصة ، أو إعلاناً دعائياً ، وفي
هذا تمزيق لحجاب الحياء الذي هو زينتها وجمالها .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |