عنوان الفتوى : قصة العبد الصالح الذي عذبه الله في الدنيا لأنه كان لا يغضب لله : لا تصح .

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

قرأت كثيراً عن قصة ذلك الرجل التقي الذي عُوقب على ذنوب أهل قريته ، لأنه لم يكن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. وما زلت أسمع هذه القصة هنا وهناك ودون أن أدري ما مصدرها ومن رواها وما صحتها ، وقد حاولت البحث عن شيء يدعمها فلم أجد ، فهل هي حديث نبوي ؟ وإذا كانت كذلك فهل هي صحيحة ؟

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق


الحمد لله
أولا :
روى الطبراني في " الأوسط " (7661) ، والبيهقي في " الشعب " (7189) ، وابن الأعرابي في " معجمه " (1963) ، وأبو سعد البغدادي في " مجلس من أماليه " (10) ، كلهم من طريق عُبَيْد بْن إِسْحَاقَ الْعَطَّار ، ثَنَا عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوْحَى اللَّهُ إِلَى مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَنِ اقْلِبْ مَدِينَةَ كَذَا وَكَذَا عَلَى أَهْلِهَا!! قَالَ : إِنَّ فِيهِ عَبْدَكَ فُلَانًا لَمْ يَعْصِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ ؟! قَالَ : اقْلِبْهَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ، فَإِنَّ وَجْهَهُ لَمْ يَتَمَعَّرَ لِي سَاعَةً قَطُّ ) .

قال الطبراني عقبه :
" لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَعْمَشِ : إِلَّا عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ ، تَفَرَّدَ بِهِ : عُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ " .
وعبيد بن إسحاق متروك : قال البخاري: عنده مناكير . وقال الأزدي : متروك الحديث . وقال الدارقطني : ضعيف . وقال ابن عدي : عامة حديثه منكر .
" ميزان الاعتدال " (3/ 18) .
والحديث ذكره الألباني في " الضعيفة " (1904) ، وقال : " ضعيف جدا " .

والمحفوظ في ذلك أنه من قول مالك بن دينار ، فقد رواه البيهقي في " الشعب " (7188) عَنْ مَالِكٍ قال : " إِنَّ اللهَ ، عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِقَرْيَةٍ أَنْ تُعَذَّبَ فَضَجَّتِ الْمَلَائِكَةُ ، قَالَتْ : إِنَّ فِيهِمْ عَبْدَكَ فُلَانًا ، قَالَ : أَسْمِعُونِي ضَجِيجَهُ ، فَإِنَّ وَجْهَهُ لَمْ يَتَمَعَّرْ غَضَبًا لِمَحَارِمِي " .
وقال البيهقي : " هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ مِنْ قَوْلِ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرٍ ضَعِيفٍ مَرْفُوعًا " انتهى .
ومثل هذا يعد من الإسرائيليات التي لا تكذب ولا تصدق .

انظر جواب السؤال رقم : (22289) .

ثانيا :
صح الوعيد في حق من لم ينكر المنكر بحسب قدرته ، من وجه آخر ؛ ففي صحيح مسلم (49) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) .

وإذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه : أوشك الله أن يعمهم بعقاب ، فقد روى أحمد (1) عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغيِّرُوهُ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابِهِ ) صححه محققو المسند .
وروى البخاري (3346) ، ومسلم (2880) عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ : (لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ ) وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا ، قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟ قَالَ : ( نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ ) .
وروى أحمد (24133) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، تَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا ظَهَرَ السُّوءُ فِي الْأَرْضِ أَنْزَلَ اللهُ بِأَهْلِ الْأَرْضِ بَأْسَهُ ) قَالَتْ : وَفِيهِمْ أَهْلُ طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : ( نَعَمْ ، ثُمَّ يَصِيرُونَ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى ) ، وصححه الألباني في " الصحيحة " (3156) .

وروى البيهقي في " الشعب " (7197) عن عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ قال : " كَانَ يُقَالُ : إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُعَذَّبُ الْعَامَّةَ بِذَنْبِ الْخَاصَّةِ ، وَلَكِنْ إِذَا عُمِلَ الْمُنْكَرُ جِهَارًا : اسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ كُلُّهُمْ " .

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (38701) .

والله أعلم .