عنوان الفتوى : حكم عمل حساب على تويتر للرسائل الدعوية
نحن مجموعة من البنات - قرابة خمس - نريد إنشاء حساب بتوتير نتشارك فيه على إرسال الرسائل الدعوية, وتذكير الغير, نحتسب الأجر من الله في هذه الرسائل, فما حكم عمل هذا الحساب؟ وهل نؤجر على هذا العمل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعوة إلى الله من أشرف الأعمال التي يلقى بها العبد ربه، كما قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت:33}، ولذلك كانت الدعوة وظيفة الأنبياء خيرِ أهل الأرض التي بعثهم الله بها، قال تعالى مخاطبًا رسوله صلى الله عليه وسلم: فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ {الشورى:15}، وقال: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {النحل:125}، وكما أنها وظيفة الأنبياء فهي وظيفة أتباع الأنبياء وورثتهم، كما قال جل وعلا: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي {يوسف:108}، وقال: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {آل عمران:104}، وفي الحديث الذي في السنن واللفظ للترمذي: نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ. قال الترمذي: حسن صحيح, وغير ذلك من الآيات والأحاديث التي فيها فضل الدعوة إلى الله, والحث عليها.
ومن وسائل الدعوة اليوم الشبكة العنكبوتية, ومواقع التواصل الاجتماعي، كتويتر, وفيس بوك, وغيرهما، وإنشاء حساب للدعوة والتذكير بالله في غاية الحسن ما دام بالضوابط الشرعية، وهو وسيلة من الوسائل المشروعة, ونعمة أنعم الله بها على أهل هذا القرن.
ثم إنه لا شك في حصول الأجر بالدعوة, والتواصي بالبر والحق والتقوى بالنية الصادقة والعمل الصالح الخالص، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ {فصلت:8}، وقال : ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ {البلد:17}، وقال: إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ {العصر:2، 3}.
لكن ينبغي أن تكون الدعوة على بصيرة, فإن هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ {يوسف:108}، وذلك بالتأكد من المعلومة المنشورة, ودرجة الأحاديث المنقولة، فقد ابتليت الأمة اليوم بانتشار الأحاديث الموضوعة, والمعلومات المكذوبة عبر شبكة الإنترنت, والوسائل الأخرى.
وكذلك ينبغي عليكنّ الالتزام بالضوابط الشرعية في ذلك، كعدم التخاطب مع الرجال إلا لحاجة، وعدم الخضوع بالقول، كما قال الله: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب:32}، ولتكن المعلومات والتذكيرات عامةً، كالتذكير بالليالي العشر، والأيام العشرة، وصيام الإثنين والخميس وغيرهما من الأيام الفاضلة, كيوم عاشوراء, ويوم عرفة، والتذكير بغيرها من الأعمال الصالحة العامة والخاصة، كقيام الليل, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك نشر روابط المقاطع الصوتية والمرئية المفيدة, والمقالات المكتوبة للعلماء والدعاة الثقات، ولكُنّ في ذلك كله الخير الكثير, والأجر العظيم - إن شاء الله - وقد قال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ. رواه الترمذي وأحمد، وهو عند أبي داود: مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ.
كما ننصحكنّ - وقد علت همتكنّ للدعوة - بطلب العلم, والاستزادة فيه، فإن ذلك هو أساس الدعوة، وهو من الحكمة والبصيرة المذكورتين في الآيات قيدًا للدعوة إلى الله.
وللمزيد يرجى الاطلاع على الفتويين: 66185، 93530.
والله تعالى أعلم.