عنوان الفتوى : يسأل عن دليل من القرآن يدل على عدم تخليد العصاة في النار

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

على حد علمي أن القرآن لم يذكر شيئاً بشأن أقوام يُعذبون في النار ثم يخرجون منها فيدخلون الجنة ، فهل توافقوني الرأي ؟ لأن معظم آيات القرآن العزيز نصت على أن عذاب النار سرمدي ، لكنكم في هذا الموقع ذكرتم أن هناك صنفان من أهل النار، صنف يُخلّد فيها وصنف آخر يُعذب ثم يخرج ، فمن أين جئتم بذلك ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
أولا :
قد أشار القرآن إلى ذلك في قوله تعالى : ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ) هود/ 106-107 ، فقد ورد عن بعض السلف كالضَّحَّاكِ ، وَقَتَادَةَ ، وروي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالْحَسَنِ : أن الِاسْتِثْنَاءَ عَائِدٌ عَلَى العُصاة مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ ، مِمَّنْ يُخْرِجُهُمُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ الشافعين.
تفسير ابن كثير (4/351).
وأيضا : آيات الشفاعة ، كقوله تعالى : ( وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ) النَّجْمِ /26 ، وقوله عن الملائكة : ( وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى) الْأَنْبِيَاءِ/28 ، ففي ذلك إشارة إلى وجود الشفاعة وانتفاع بعض الناس بها ، وقد دلت السنة النبوية أن من أسباب خروج عصاة الموحدين من النار : شفاعة الأنبياء والملائكة والمؤمنين .
أما أدلة السنة النبوية فكثيرة جدا . وانظر إجابة السؤال رقم : (146088) ، (132608) ، (26792).
والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى ، فيجب الإيمان بكل ما يخبر به .
وقد أجمع أهل السنة على أن من مات كافرا فهو مخلد في النار أبدا ، وأن من دخل النار من عصاة الموحدين فإنه سيخرج منها بشفاعة الشافعين أو برحمة أرحم الراحمين ، ثم يدخل الجنة .
ثانيا :
هب أن القرآن لم يدل على ذلك فقد دلت عليه السنة النبوية المتواترة ، والسنة النبوية وحي يجب التصديق والعمل به كالقرآن ، وقد ذكر الله تعالى أنه أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئين وهما : الكتاب والحكمة ، قال الله تعالى : ( وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) النساء/113.
وقد ذكر الإمام الشافعي رحمه الله عمن سمعهم من أهل العلم أن الكتاب هنا هو القرآن والحكمة هي السنة النبوية .
انظر : " الرسالة " للشافعي (ص 72) .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ) رواه أحمد (16722) ، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " برقم ( 2643) .
والقرآن الكريم لم يذكر كل ما يجب اعتقاده أو العمل به ، وإنما بين من ذلك أشياء وترك أشياء أخرى بينتها السنة ، قال الله تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) النحل/44 .
وأركان الإسلام من الصلاة والزكاة والصيام والحج لم يبين القرآن الكريم تفاصيل أحكامها ، بل حتى عدد الصلوات وعدد ركعات كل صلاة لم يبينه القرآن الكريم ، وإنما بينته السنة النبوية .

والله أعلم .