عنوان الفتوى : هل يجب على الأب العدل بين أبنائه في مصاريف الدراسة ؟
تزوجت برجل أرمل ولديه طفل صغير أقوم حاليا بتربيته كوالدته ، والدة الطفل تركت له ميراثا ليس بالقليل وتم وضعه في حساب له بالتوفير ، زوجي يعمل موظفا حكوميا ومرتبه ليس كبيرا ، وغير قادر على مصاريف مدرسته من الألف للياء ، فكنا نأخذ أرباح رأس المال إضافة لمبالغ شهرية ( معاش ) ونجعلها لمصاريف ابننا ، الآن أنجبت أنا طفلا آخر ، ولأن مصاريف المدراس عندنا في مصر مرتفعة ، فقد بدأت بالادخار له بمبلغ بسيط من راتب زوجي استعدادا له حين يصل لسن الدراسة . سؤالي هو : هل يجوز لي أن أدخر لطفلي الثاني دون الأول اعتمادا على ما يملكه الأول من ميراث يغطي مصاريف دراسته ؟ علما بأنا :إذا قمنا بالادخار للطفلين وعدلنا فيما ندخر فلن يستطيع الطفل الثاني دخول مدرسة جيدة لأن قيمة ما ندخره ليست كبيرة . وإذا قمنا بالادخار للاثنين ولم نمسس أيا من مال الطفل الأول وتركناه له حتى يكبر ؛ فسوف يدخل الطفلين مدرسة دون المستوى . ولكن إذا أنفقنا على الأول من أرباح ما يملك ، وعلى الثاني مما ندخره له فقط ، فسيبقى الأول في مدرسته الجيدة ، وسيدخل الثاني بإذن الله تعالى مدرسة قد تكون أقل قليلا ولكنها في مستوى الجيد ، إلا أن شاء الله تعالى أمرا وجدّ في الأمور جديد ، علما بأن زوجي يعدل في المبالغ التي تأتيه كمكافأة في العمل ، أي أن سؤالي على الراتب الشهري فقط .
الحمد لله
الأصل الشرعي وجوب العدل بين الأبناء في العطايا والهبات ، أما النفقة من السكنى
والكسوة والقوت والتعليم ونحوها فتكون لكل واحد منهم بحسب حاجته .
ينظر للفائدة جواب السؤال : (22169
) ، و (119655) .
ومما تشترك حاجتهم إليه
الدراسة الجيدة ، اللائقة بمثلهم .
وعليه : فإذا كان الأول مكتفيا بما ورثه عن الحاجة للنفقة لأجل الدراسة ، والثاني
يحتاج إلى نفقة لتحصيل نفس المستوى من الدراسة : فلا حرج عليكم من الادخار لأجل هذا
الغرض ؛ لأن النفقة على من له مال من الأولاد تختلف عمن لا مال له .
ولكن هذا لا يعني أن تتحول
ملكية هذا المال المدخر ، إلى الطفل ، من حين الادخار ، بل هو باق على ملكية الأب ،
وكل ما هنالك أن الوالد قد قام بعزل لبعض المال تحسبا للإنفاق عليه في المستقبل ،
في وقت حاجته المتوقعة ، مع بقاء ملكية الأب للمال ، فإن تحققت الحاجة : أنفق على
الطفل منها ، وإن استغنى الطفل قبل ذلك لأي سبب : لم يكن مستحقا لهذا المال المدخر
.
ومثل ذلك : لو توفي صحاب المال - وهو والده – قبل أن ينفق عليه منه ، أو أنفق بعضه
، وبقيت منه بقية : فالواجب رد المال المدخر إلى التركة ، ويقسم الجميع وفق حكم
الله في الميراث.
وما سبق ذكره من وجوب العدل
في العطية والهبة : إنما هو فيما إذا كان المال من الأب ؛ لأنهما جميعا أبناؤه ،
وأما أنت فلك أن تعطي ابنك من مالك الخاص ما شئت ، ولو سرا ؛ لئلا تسوء العلاقة بين
الأخوين ، أو يجد الأول في نفسه ألم فقد أمه.
تنبيه:
ذكرت أنه تم وضع مال الابن الأول في حساب توفير ، وأن له أرباحا ؛ فنذكركم بوجوب
تحري الاستثمار الحلال والابتعاد عن الاستثمارات المحرمة ، كما هو الحال في البنوك
الربوية ؛ فإن احتجتم إلى ادخار شيء من المال في بعض البنوك ، فالواجب تحري البنك
الإسلامي الأمثل في بلدكم .
وإن تيسر لك سبيل استثمار آمن ، بعيد عن البنوك عامة : فهو أحسن ، وأحوط .