عنوان الفتوى : حكم قول الرجل لصاحبه : " اختبر شيطانك " !
هناك بعض الناس إذا أراد أن يحمس صديقا له على الطاعة قال له : (اختبر شيطانك ، هل سيستطيع أن يثبط عن الخير أم لا ). فهل مقولة (اختبر شيطانك) فيها محظور شرعي ؟
الحمد لله
نود أن ننبه إخواننا إلى عدم الانسياق وراء هذه الكلمات والجمل المستحدثة ، وهذه
العبارات التي فيها من التكلف ، والتنطع ، والاستكراه ، أكثر ما فيها من التنميق
والتزويق .
والساعي إلى الخير يسعى إليه بفعله وتوجيهه وأمره ونهيه وهو على بينة من ربه سالكا
سبل الصالحين والأئمة المرضيين ، في غير إحداث وبدعة ، قانعا بما قنع به أوائله أهل
العلم والخير والصلاح .
ولقد ابتلى الله آدم عليه السلام وذريته بإبليس وجنده ، وحذرهم من فتنته واتباع
أمره ، فقال تعالى : ( فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ
فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ) طه/ 117 .
وقال تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ
أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا
سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ
إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ) الأعراف/
27 .
وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ
الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ
بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) النور/ 21 .
وقال جل وعلا : ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا
الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ
مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا
تَعْقِلُونَ ) يس/ 60 – 62 .
وقال سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ
الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ) الأعراف/ 201 .
فابتلانا الله بالشيطان وحزبه ، واختبرنا بهم ، وأمرنا بمخالفتهم ، ونهانا عن
اتباعهم ، وحذرنا من عاقبة أمرهم في الدنيا والآخرة .
والمرء يحذر شيطانه ، فيتبع الكتاب والسنة ، ويصاحب أهل الخير وينأى بنفسه عن
مصاحبة أهل الشر ، وينتبه في شأنه كله إلى كيد الشيطان ، فإذا وسوس إليه بشيء
استعاذ بالله منه ، وإذا وقع في شراكه بادر إلى التوبة .
ولم يأت في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر باختبار
الشيطان أو معارضته لمعرفة مدى قدرته ، ونحو ذلك ، إنما اختبرنا الله به وحذرنا منه
.
وأما ما ذكر في السؤال : فلا تخفى تكلفه ، ولا يخفى ما فيه من التنطع ، والتبدع ؛
فدع شيطانك ، لا تختبره بشيء ، وليس عليك منه شيء ، فقط ، أنت أصلح نفسك ـ يا عبد
الله ـ وجاهدها في الله .
راجع للفائدة جواب السؤال رقم : (118151)
، (202449) .
والله تعالى أعلم .